يعجز القلم وتستحي الحروف خجلا عندما يفكر بالكتابة عن أصدقاء عمره.. ومن هذا وذاك تقف السطور النقدية حائرة بين طيات عناصر العرض المسرحي.. «سينما مصر».
«سينما مصر» حرصت أثناء تواجدي في أرض الكنانة على أن أحضر العرض المسرحي لما قرأت عنه من العديد من الأقلام النقدية، هو مشروع تخرج للدفعة الثانية لقسم التمثيل التابع لمسرح مركز الإبداع الفني «ستوديو المواهب» رؤية وإخراج المبدع أستاذ خالد جلال ومخرج منفذ صديقة دربي ودراستي المبدعة علا فهمي.
إذا تناولنا الرؤية الإخراجية وكيفية تنفيذها على خشبة المسرح كان جهدا متميزا ولا نقاش عليه لأن الكل يعلم عن إبداعات خالد جلال ومخرجيات عروضه المسرحية وهذا أيضا ينطبق على علا فهمي.. فالإخراج لن نسلط الكثير عليه بالرغم من أنه هو أساس لأي عمل فني متكامل وهذا ما شهدناه في «سينما مصر».
العمل يستحضر الماضي ليحاكي الحاضر ويؤكد للمستقبل أن السينما المصرية هي حضارة ومازالت في تاريخ السينما العربية والعالمية، استحضر المخرج من خلال رؤيته الفنية فيلم «الليلة الأخيرة» ولعب على تيمتها ليحيك حبكته المسرحية، «فقدان الذاكرة» من تلك التيمة أراد المخرج أن يذكر المشاهد ما هي السينما المصرية من خلال أكثر من 15 اسكتش انتقاهم مخرجنا من الأفلام المصرية التي تركت بصمة في تاريخ السينما العربية والعالمية وقام بتوظيف تلك الاسكتشات مع تيمة «الليلة الأخيرة» فأصبح الحدث الدرامي يتماشى في خطين دراميين موازيين لهدف واحد وهو إحياء تاريخ «سينما مصر».
تلك هي الفكرة التي اختصرت منها الكثير لأعطي العناصر الأخرى إضاءتها النقدية.. «الممثلين» وهم الهدف الأساسي الذي قام عليه العرض المسرحي لإخراج مواهبهم المسرحية والفنية... أكثر من ستين طالبا أدوا أدوارهم بتميز مشهود لهم وقام المخرجان بتوظيف طاقاتهم الفنية في الأدوار التي أسندت إليهم فمنهم من لعب على أوتار الكوميديا وتفوق على «فقدان الذاكرة»، ومنهم من استحضر الشخصيات الأساسية التراجيدية ليتعايش معها ويحيي لنا مأساتها ويذكرنا بمعانتها في تلك المشاهد الفنية المختارة في «سينما مصر»، ومنهم من تغنى من خلال المؤثرات الموسيقية ليحاكي لنا الحدث المسرحي، ومنهم من شدا لنا بصوته لإحياء الشخصية والمشاهد الفنية التي استحضرت من الزمن الجميل، بالإجماع دون تمييز للدور معين أو شخصية بحد ذاتها، جميعهم لعبوا أدوارهم بإبداع وحرفية ممثل لإحياء حضارتهم وإعادة ذاكرة «سينما مصر».
المؤثرات الصوتية التي لعبت ما بين الماضي والحاضر لمحاكاة المستقبل والدمج ما بين التكنولوجيا والمؤثرات الحية.. مزج فني موسيقي جعلنا نعيش الماضي ونحن في الحاضر لنرى ونستعيد ذاكرتنا لنبني مستقبل «سينما مصر».
وأخيرا الديكور المسرحي بالرغم من بساطته إلا أنه كان متناغما مع الحدث المسرحي، فمع تبدل المشاهد وحركة الممثل وتغيير الإضاءة تبقى فتحة مضيئة بإنارتها البيضاء تركزت في منتصف الفضاء المسرحي تشع منها إنارة بيضاء فهي بؤرة الأمل للمستقبل وهي بؤرة الذاكرة لاستحضار الماضي لمحاكاة الحاضر وإحياء تاريخ «سينما مصر».
مسك الختام: إنني في هذا العرض.. لا أفخر فقط بماضي مصر.. بل أفخر أيضا بمستقبلها.. خالد جلال