بقلم : نرمين الحوطي
إضاءتنا اليوم لا تتعلق بتاريخ الحضارات ولا سطورنا سوف تبحر حروفها في أمواج الحقب التاريخية لنعرف ما هي أقدم الحضارات، ولكن ! نقطة اليوم تسلط الضوء على «القراءة» وأهميتها للإنسان والمجتمع.
بدأت حروف مقالنا عندما كنت في إحدى اللقاءات الأكاديمية الثقافية وطرح سؤال على بعض الطلبة «ذوي الخبرة الفنية والثقافية» وكان السؤال: ما أقدم حضارة في التاريخ؟ وكانت الأجوبة متنوعة ومختلفة من حيث الحقبة ومن حيث التدليل، ولكن استوقفتني وأدهشتني إجابة أحد الحاضرين وهي: أقدم حضارة هي المالديف! وكان ردي البديهي والسريع للإجابة عن تلك الإجابة الصاعقة هو: عفوا سؤالنا كان عن أقدم حضارة، وليس عن الدولة التي تتمنى قضاء إجازتكم بها!
انتهى اللقاء، ولكن بقيت أجوبة الحاضرين والبحث قي كلماتهم في ذهني وتفكيري وكانت النتيجة والحصيلة لذلك اللقاء هي: «القراءة» وأهمية التسليح الإنسان بالمعرفة من خلال القراءة والاطلاع والتثقف في شتى الميادين من أجل صقل التكوين المعرفي والذاتي للإنسان وللمجتمع.
في الماضي أتذكر أن القراءة كانت جزءا لا يتجزأ من تكوين الطفل سواء على الصعيد التربوي وأيضا على صعيد الأسري، فالتربوي كان يوجد بحصة المطالعة، وكان يقرر على كل طالب أن يقوم بالاختيار لكتاب أو قصة، وكان المعلم يكون في السابق يختار العديد والكثير من الكتب في شتى المجالات ويقوم في حصة المطالعة بالشرح الذي من خلاله يرغب الطفل في للقراءة والشخصيات والمواضيع التي تم اختارها بنفسه، وبالفعل كنا نقوم باختيار الكتاب من خلال الاستعارة المكتبية التي قام بها أيضا المعلم لتدريبنا على كيفية الاستعارة وكيفية الحفاظ على الكتاب على وعد اللقاء في الأسبوع القادم لمناقشة ما قرأناه.
هذا الشيء كان يعطي للطالب أولا الثقة بالنفس وثانيا يمنح للطالب القراءة لشيء خارج نطاق المنهج الدراسي، وثالثا الاستماع للآخر وكيفية اتخاذ المعلومات من خلال الشرح، ما أجمل تلك الأيام التي مازالت متواجدة في الوجدان لأنها غرست في النفوس وأصبح جزءا لا يتجزأ من تكوين الذاتي للنفس، هذا بالنسبة للشق التربوي. أما الشق الأسرى فأتذكر ومازال أجد بعض الأسر يقومون بهذا الشيء وهو القراءة لأطفالهم قبل النوم، تلك القراءة تعطي الحنان والألفة بين الطفل ووالديه وتعطي له أيضا أهمية القراءة التي تأخذه لعالم الأحلام للمستقبل من خلال أسئلته لوالديه وأجوبتهم له، ذكريات جميلة تحيكها الحروف والكلمات والسطور تجتمع جميعها في طيات الكتاب الذي قام المجتمع بأكمله بقراءته من أجل بناء مجتمع متسلح بالمعرفة، حتى لا يأتي لنا زمن نسمع به بأن أقدم حضارة في التاريخ هي المالديف!
مسك الختام: يقول الله عزّ وجلّ في كتابه العزيز، وهي أولى الآيات التي أنزلت على الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام وعلى آله: (اقرأ باسم ربك الذي خلق).
Nermin-alhoti@hotmail.com