د. نرمين الحوطي

profile picture

Nermin-alhoti@hotmail.com

صدّق أو لا تصدق

نرمين الحوطي

يعجبني في صحافتنا خلال الآونة الأخيرة لعبة مسلية جدا وهي «صدق او لا تصدق»، اي ان بعض مسؤولينا في تصريحاتهم اليومية اعطوا القراء حرية التصديق او التكذيب بل جعلونا نقوم بمعرفة معنى «فك الطلاسم»، بمعنى اذا قرأت في يوم ما، في صحيفة ما، تصريحا لاحد المسؤولين بأن المرتبات زادت فوق الألف من الممكن ان تصدق، واذا صدقت الخبر يمكن تقرأ في اليوم التالي في جريدة اخرى لنفس المسؤول ان المرتبات تم تقليلها الى 50 دينارا، وهنا عليكم «فك الطلاسم الغيبية» لا تصدق او ما تصدق، انت حر في اختيارك، عزيزي القارئ انت تختار ما تشتهي، فاذا اخترت ارتفاع الرواتب على سبيل المثال ستجعل مخيلتك تنعم بالخيال الوردي وتشعر بالتفاؤل، اما اذا اخترت التقليل فستكون دنياك كما لو انها المسرح الاسود، وهنا تكمن المفارقة.

اخبار تقول عزيزي القارئ، مسؤول ما يصرح بأنه لا انقطاع في الكهرباء فيذهب المواطن الى عمله وكله امل بعدما قرأ الاخبار في الصحف صباحا، واذا به في عمله تنقطع الكهرباء! وهنا تحدث الفاجعة المسرحية ويظن الموظف انه اخطأ في الصباح وقام بقراءة بعض الصحف لجمهورية الموز، ولكنه متأكد ان صحف جمهورية الموز لا تأتي إلينا، فكيف يحدث هذا؟ من الممكن خطأ مطبعي! فيترك الدوام ويذهب لشراء بعض مستلزمات البيت، وهنا يفكر بأنه اليوم ايضا قرأ في الصحف ان بعض المسؤولين صرحوا «لا غلاء في المواد الاستهلاكية»، ويقوم الموظف بشراء مستلزماته، واذا به عند محاسب الجمعية يذكر له قيمة ما اشتراه «الموظف يتكلم من خلال عقله، ان الاسعار ارتفعت للضعف، وهو ينظر للمحاسب باستغراب»، فيصاب الموظف بصدمة تؤدي الى نهاية الازمة المسرحية، فيترك ما تبضعه من الجمعية ويخرج متوجها الى سيارته متحدثا لنفسه، اكيد ما قرأته ما هو الا اخبار في جرائد قديمة وتصريحات قديمة لمسؤولين قدامى!

بالفعل نحن نعيش الآن مسرحية فاقت التراجيديات اليونانية «مأساة اوديب على سبيل المثال»، لا نعلم ما هي الغيبيات التي حلت بنا، وبأي لعنة اصيب مجتمعنا، نسمع ونقرأ بقرارات يومية ليست قابلة للتغيير، وفي اليوم التالي نجد ان ما سمعناه وما قرأناه بالامس ما هو الا اكذوبة، اين الشفافية؟ ولكن اهل الشام قالوها: عوجة وياما حنشوف ولي بيعيش يما بيشوف.

التعليق

x

إقرأ أيضا