نرمين الحوطي
عن أبي هريرة ( رضي الله عنه ) قال: قال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ): «قال الله عز وجل: الكبرياء ردائي، والعظمة ازاري، فمن نازعني واحدة منهما قذفته في النار».
جاء هذا الحديث للنهي عن الكبرياء والاستعلاء على الخلق، فإن العظمة والكبرياء من صفات الله عز وجل، لا يجوز ان يشاركه فيهما احد، واول ذنب عُصي الله به هو الكبر، لأنه ذنب ابليس حين أبى واستكبر وامتنع عن طاعة امر الله والسجود لآدم.
والكبرياء خطيئة لابد على المسلم الا يرتكبها، وخطيئة ليست بالمعنى، بل بالصفة، لأننا لا نستطيع مساواة انفسنا بالله عز وجل، كما ان فعلها تشبه بالشيطان الذي تكبر على أمر الله.
قد يخلط البعض بين الثقة بالنفس من جهة والكبرياء والغرور من جهة اخرى، جميل ان يشعر الإنسان بالثقة بالنفس شرط ألا تصل الى الغرور والكبرياء، فالغرور هو تضخم للذات بأن يعتقد الشخص انه هو الأعلم والاجمل وانه على صواب، والأكثرون مجرد جهلة.
وهذه الانماط كثيرة في مجتمعنا، والغرور هو الطريق للكبرياء والاثنان يوصلان للنهاية، فبمجرد ان يصاب الانسان بهما يبدأ في ارتكاب اخطاء ظنا أنه على صواب وان من حوله لا يفقهون شيئا، وهذا بمثابة الموت لكل حواس الانسان الذي يصاب بهما، فنجد حاسة السمع امتنعت عنه لأنه اصبح لا يسمع إلا نفسه، وفقد حاسة البصر ايضا لأنه اصبح لا يرى إلا ذاته، ولا ينظر إلى من حوله لأنه اصبح يرى نفسه فقط، واصبحت حواسه تتحدث بكلمة واحدة وهي «الأنا»، من الصعب ان يعيش الإنسان معتقدا انه هو الوحيد الذي يدبر الامور، وانه يفقه كل شيء اذن اين لغة الحوار؟ واين روح التعاون؟ واين واين واين؟
إن المغرور والمتكبر يجد نفسه يوما ما يريد المعارضة، يريد ان يسمع غيره ليستطيع ان يتحدث فيما هو جديد، وسيأتي يوم يمل من التحدث بمفرده، ان الله عز وجل نهانا عن هاتين الصفتين لعلمه ببني البشر، ولعلمه ان الانسان لا يقدر على التعايش بمفرده، فلابد على الانسان ان يقتدي بسيدنا آدم وهو ابو البشر.
(وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئوني بأسماء هؤلاء ان كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك انت العليم الحكيم قال يا آدم انبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم اني اعلم غيب السماوات والأرض واعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون 31 - 33 البقرة).