نرمين الحوطي
الكثيرون يعتقدون أن المسرح المدرسي هو مسرح الطفل نفسه، ولكن هذا خطأ، لأن المسرح المدرسي يقوم على توصيل الافكار التربوية للطفل ومسرحة المناهج، كما أنه يلعب دورا مهما في المسيرة التربوية، كما ان عروضه تقدم على المسارح المدرسية، وليس المسارح العامة، أما مسرح الطفل فيتحرر من المادة التعليمية وتقدم عروضه خارج الاطار المدرسي، وعلى الرغم من اختلاف الشكل ولكن المضمون واحد ألا وهو تنمية شخصية الطفل.
وهنا تكمن المشكلة، فإذا نظرنا إلى مجتمعنا الحالي فإننا نجد المسرحين، فالأول (المسرح المدرسي) يعتمد على مجموعة النشاطات المسرحية بالمدارس، التي تقدم فيها فرقة المدرسة اعمالا مسرحية للجمهور المكون من الطلبة والمدرسين وأولياء الامور، ويعتمد المسرح المدرسي اعتماد كليا على اشباع الهوايات المختلفة عند الطلبة كالتمثيل والرسم وغيرها من الهوايات التي لابد ان تلقى الاهتمام عند التربويين، كما ان الانشطة الثقافية والفنية اصبحت مع الوقت قليلة وغير ذات اهمية، واصبحت العروض التي تؤدي إلى مسرح المدرسة حفلات لتخرج الطلبة، وفي الامس القريب كانت الأنشطة تقام ما بين المدارس ومنها كان نشاط المسرح، والسؤال هنا أين المسرح المدرسي؟
وإذا تناولنا مسرح الطفل وهو المقدم خارج نطاق المدرسة، وبعيدا عن الطابع التربوي فسنجد انه يعتمد على مجموعة قضايا هادفة تحتوي على رسائل إعلامية يراد توصيلها للطفل، ولكن للاسف اصبح مسرح الطفل في وقتنا الحالي مسرح مناسبات، والسوال هنا: هل توجد خشبة مسرح للطفل؟ للأسف لا! فكيف يطلب من الممثل او المنتج او المخرج مسرح للطفل يحمل إبداعات تجذب الطفل ونحن لا نملك خشبة تهيئ ذلك.
إن بيتا بلا معرفة بمسرح الطفل، ومدرسة بلا مسرح، ومجتمعا بلا مسرح للطفل، مؤسسات اجتماعية ناقصة في اداء مهامها البنائية، ليس فقط لشخص الطفل بل لشخص الانسان البالغ ايضا، لان المجتمع كل جزء منه يخدم الآخر، فإذا كان الأساس ضعيفا فكيف يعطي للآخر؟
إن الدور البنائي لمسرح الطفل يكمن في أهمية الاساس في أي بناء، فلا بناية بلا أساس متين، وإذا قامت البناية على اساس هش، فإنها معرضة لاحتمالات السقوط.
وهذا ما يحدث الآن، لماذا لا نجعل اطفالنا ينعمون بالتربية والثقافة مثلما تربينا نحن في بيوت الآباء والاجداد؟ أين نصيب اولادنا من ميزانيات الدولة؟ أين الدور التربوي ذي الحس الثقافي؟ أين دور الثقافة في مسرحنا ومراقبة ما يعرض على اطفالنا؟ اين الذوق العام؟ إن أي دولة تطالب بالرقي والتقدم لابد ان تؤسس على الثقافة، وقديما قالوا «أعطني مسرحا أعطك حضارة».