نرمين الحوطي
بدأ الصيف وبدأ تجهيز الحقائب للرحيل من حره، وأعباء العمل الوظيفي، والضغوط الدراسية وكثرة المناهج التربوية، الكل من بدايات شهر اكتوبر يقوم بالتخطيط لرحلة الصيف المقبلة، التي تعد لكل فرد من افراد الاسرة مكافأة لما قام به من مهام طوال العام سواء أكان دراسة أم عملا، ومنه يتضح لنا ان رحلة الصيف دائما تأخذ الطابع الاسري، فهذا الفصل يمتاز عالميا ومحليا بروح الاسرة، بل نجد ان هذه الرحلات يكون مبدؤها الاول هو الترفيه، أي التوجه الى الوجهات السياحية المعروفة على مستوى العالم، ونجد ان من أهم هذه الوجهات ما يتميز بالشواطئ، فالكل يتجه للدول الساحلية ذات الجو المنعش، وقليل من الناس من يتوجه الى الدول الجبلية أو الاثرية، ونجد ان النساء يفضلن السفر للتسوق، حيث نجد ان بعض الاسر تجعل آخر وجهات سفرهم الى دول تتميز بوفرة مجمعات الشراء وجودة الاسعار ليتبضعوا منها ما يحلوا وما يطيب لأذواقهم.
وعليه نجد ان السفر لم يعد كما كان من قبل، متعة فقط، بل أصبح السفر يرهق بعض الأسر بسبب التكاليف الباهظة، حيث اننا اصبحنا نعيش سباقا سياحيا، ففي كل دقيقة تظهر مدن سياحية جديدة، وفنادق تنشأ على أعلى مستوى وأضخم التجهيزات، أصبح الصراع على من هو الافضل ومن هو الاجود، وهذا كله يشكل عبئا ماليا على الاسرة، والسؤال هنا، لماذا نسافر؟ هل نسافر من اجل العيش في المستوى نفسه الذي نعيش به حياتنا اليومية وبنفس الروتين اليومي لنا؟ اننا هنا إذن لم نغير من حياتنا شيئا، فالسفر ما هو الا تحرر من ايقاع الحياة اليومي والروتيني، بمعنى اننا نختار أرقى الفنادق وأغلى المدن للسفر اليها، رغم انه يوجد ما يماثلها جمالا وطبيعة وبتكلفة اقل من هذه البهرجة المزيفة، لماذا نُصر على ان نعيش في نطاق التكنولوجيا والتمدن؟ لماذا نريد العيش على الدوام في نطاق الرسميات؟ اننا عندما نخطط للسفر لابد ان نضع في اذهاننا كيف يمكن ان نتحرر من حياتنا اليومية ونطاق الروتين، ولابد ان نختار اماكن نتوجه اليها للتمتع، ليس فقط للسياحة والجلوس على المقاهي ليلا وشراء الملابس ومشاهدة الستلايت عند النوم، لابد ان نختار المدن التي نقدر ان نشاهد من خلالها جمال الطبيعة لنمتع أعيننا ونكسر حدة التمدن فينا، لابد علينا ايضا من اختيار المناطق المفتوحة التي تخلو ولو لبعض الشيء من المدنية والبنايات الشاهقة، وهذا يجعلنا نقدر ان نستنشق عبير وعطر الطبيعة، بل تجعلنا نملأ اجسادنا بهواء الطبيعة الذي نفتقده طوال اشهر العمل والدراسة، هذه هي متعة السفر، كسر حدة الروتين، والتقارب الاسري، وتغيير المناظر، والتعرف على ما هو جديد، فعندما يقول الانسان انه مسافر يعني انه يسافر عن كل ما يمت له بصلة من الحياة اليومية المعتادة، فهو يسافر عن الاشياء المعتادة له ليشتاق اليها عند عودته اليها.