نرمين الحوطي
الإعلام وميادينه هو أكثر مظاهر الحياة بروزا، بل وأشدها تأثيرا في نفسية الشعوب سواء أكان هذا الإعلام مرئيا أو مسموعا أو مقروءا، فبالأمس البعيد كان الإعلام يقوم من خلال أوراق البردي أو الحكواتي أو المحبظين كل هذه كانت وسائل الإعلام، وكانت تقوم بالتعبير عن حوادث أو تطورات في جميع ما يتصل بالنفس البشرية ومشاكلها في المجتمع، أما الآن فأصبح الإعلام يبث من خلال الإنترنت والفضائيات، فأصبح مرآة عاكسة لأي دولة بين الدول وأصبح الإعلام هو الصورة الواضحة للمجتمع وما يدور به من حوادث سواء كانت هذه الحوادث سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، فأصبح الإعلام لسانا ناطقا وعينا من خلالها يشاهد العالم ما يدور في هذه الدول، ومن هنا نجد ان الإعلام أصبح القوة الحقيقية في العالم، وأتت هذه القوة له حيث لم يعد في نطاق الدولة فقط كما كان في الأمس البعيد، بل أصبح نجما يبحر في عالم الفضاء ليضيء في الدول الأخرى، إذن أصبح الإعلام بطاقة تعريفية لهوية أي دولة للدول الأخرى، وهنا تكمن قضيتنا فللأسف الشديد وبرغم ان الكويت تعد من أولى الدول الخليجية التي وضعت أسس الإعلام، إلا أنها أخذت في الآونة الأخيرة بتدني المستوى الإعلامي وتوظيف قضايا من خلاله، فأصبح الإعلام عندنا مجرد بوق ينطق ويبث الفضائح بل أصبح حلقة صراع من هو الأفضل في نشر أكبر كم من الفضائح، وللأسف ان ما يبث وما يسمع وما يكتب ما هو إلا تصفية حسابات ومحسوبيات، أما المشكلات الرئيسية للمجتمع وللدولة فلا أحد يقوم بتسليط الضوء عليها، وهنا أصبح الإعلام لا يقوم بوظيفته الرئيسية وهي توصيل الرسائل الإعلامية للمجتمع من خلال تسليط الضوء عليها وكيفية حل هذه المشكلات، بل وأصبح صورة غير حضارية بين الدول الأخرى.
وهنا لن نخوض في ميادين كثيرة في علم الإعلام، فسأقصر مقالتي على أهم ميدان وهو «الوطن»، وسؤالنا هو أين الوطن وتثبيت القيم الوطنية لدى المجتمع الكويتي؟ وسؤالي هنا لا يوجه فقط للمسؤولين بل لكل قلم وصوت في وسيلة إعلامية سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مقروءة، للأسف سنجد الاعتماد الكلي للقيم الوطنية يقوم في هذه الآونة الأخيرة ربما عن طريق الحفلات والرقصات التي تقدم فقط للغناء وليس اقتناء الكلمات للتعبير عن الوطنية، وسنلاحظ ان جميع الوسائل الإعلامية تقوم على إحضار الماضي والكتابة من خلاله، كما لو اننا أموات لن ننجز شيئا إلا من تاريخ الصيد والبحر، أي ان الكويت توقفت عند هذا التاريخ وهنا أقول «لا» لأن بلادي لم توقف سواء في الدفاع عنها أو في الارتقاء بها في جميع الميادين، وهنا رسالتنا ان نقف جميعا ونقول «لا» لهذه الأقلام، فالإعلام لم تكن هذه رسالته على مدار السنين الأخرى، ان الإعلام يعني العلم أو الاشارة المضيئة لأي دولة تريد ان تضيء بين الدول الأخرى وليس عن طريق الرقص والغناء ونشر الفضائح، بل عن طريق إظهار الانجازات والوصول بالعلم.
ان دول العالم عندما تريد ان تتعرف على الدول الأخري تتعرف عن طريق إعلامها، فالإعلام هو مرآة عاكسة تظهر أين نحن من الثقافة والرقي سواء في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، إن بلادي برغم وجود سلبيات يوجد إيجابيات كثيرة بها ولكن لابد من تسليط الضوء على الإيجابيات ليس فقط للإظهار، بل ليكون دافعا للجيل الجديد لتحريك الدماء به واعطائه القوة بأن يكمل هذه المسيرة الإيجابية، لماذا نعطي شبابنا الصورة السلبية فقط؟ إن هذا يعطي الجيل الجديد إحباطا ولا يقدر ان ينجز، دعونا نجعل الأيام القادمة منارة مضيئة ليس للعالم بل نركز على البنية الداخلية لدولتنا الحبيبة الكويت، لأن شبابنا عمادنا ومستقبلنا القادم.