د. نرمين الحوطي

profile picture

Nermin-alhoti@hotmail.com

رحم الله العم باڤاروتي

نرمين الحوطي

في الاسبوع الماضي توفي احد اعمدة المسرح الأوبرالي، حيث فقدت الثقافة العالمية رائدا من رواد هذا الفن المتميز، وعندما قرأت خبر وفاته تضايقت كثيرا لفقدان هذا الفن الجميل احد مبدعيه والذي أفنى عمره لهذا الفن ونشره بل وبقائه ايضا، واستوقفني خبر وفاته كثيرا، حيث حمدت الله ان الاوبرا ليست من الفنون التي تحظى بالاقبال في دولتنا الحبيبة، وقلت في مخيلتي ان العم باڤاروتي سينام مرتاحا هانئا لعدم تدخلنا في فن الاوبرا وهدم كل ما قام به لترسيخ ذلك الفن، فإننا نلاحظ في الآونة الاخيرة بعضا من الشخصيات التي تقوم بالتدخل في عالم الثقافة والفن دون ان تكون لديها اي معرفة بها.

«عجبي عليك يا زمن» هذه ليست مطلع اغنية، بل انني اقصدها، ففي الآونة الاخيرة لوحظت بالفعل بادرة جديدة ومهمة، كثير من الناس المهمين مهتمون بالثقافة والفنون، بل اصبحت هناك محاربة بينهم على هذا الطفل اللقيط الذي لا يعرف الى من ينتمي، وهذا ليس خطأ بل بالعكس هذا جميل جدا انه يوجد اناس في دولتنا يهتمون بالثقافة والفنون، وانا هنا لا اتدخل في اعراف دستورية ولا تغيير نظم وقوانين، انا هنا أكتب من اجل الثقافة والفنون، ان كل الالعاب السياسية انتهت الآن وفجأة تذكر الناس ان الباقي هو الثقافة والفنون، لأن اي بلد متحضر من غير ثقافة لا تكون له هوية، فالثقافة هي الحضارة، وهي البصمة الوحيدة التي تبقى في تاريخ كل دولة، وهنا عرفنا سبب الاختيار، ولكن نجد ان هؤلاء الناس اصبحوا يتنازعون على هذا الطفل الجميل، انا لا اقصد التقليل من شأنهم بل اقصد ان هؤلاء يمكنهم ان يخدموا الثقافة والفنون بشكل آخر وهو الدعم المادي والحكومي ويتركوا المثقفين في الابداع والعلو بهذا الصرح.

فهي معادلة سهلة مع صعوبة تحقيقها وهي كالتالي: ثقافة + دعم مادي حكومي وشعبي يعطي لنا الناتج قوة حضارية وشعبا مثقفا، اذن انا لا استهين بهؤلاء بل بالعكس اننا بأمس الحاجة لهم للدعم، حيث اننا نجد هؤلاء يأخذون الثقافة والفنون كما لو انهما قطعة ألماس نادرة يتباهون بها امام المجتمع الدولي، فإن دولتنا كانت لؤلؤة الثقافة الخليجية في زمن من الازمان، ولكن السؤال هو أين نحن الآن؟ الكل يتصارع على سرقة هذه اللؤلؤة، كم من هؤلاء يتبنون فكرا جديدا وثقافة جديدة سواء ماديا او معنويا؟ الاجابة الكل منا يعرفها.

فهؤلاء لا يهتمون الا بالظهور في الجرائد اليومية بافتتاح معرض فلان وحضور مسرحية فلان والذهاب الى مؤتمر ما في بلد ما، اما ماذا قدم؟ او ماذا قال؟ جميعها شعارات تحتوي على فقاعات هوائية وقتية.

لم تعد الثقافة والفنون روحا بل صارت جمادا، الكل منا يريد ان يكسر منها جزءا ليتباهى، والنتيجة نراها الآن كثرة صراعات وعدم معرفة اين الانتهاء والى اي جهة نتوجه؟ والكارثة الكبرى هي ان ما يقدم اصبح لا يبني تاريخ الكويت بل يهدمه، فرفقا بنا ودعوا الثقافة والفنون لأصحابها، وليرحم الله رائد الأوبرا باڤاروتي ويهنأ في مماته.

التعليق

x

إقرأ أيضا