د. نرمين الحوطي

profile picture

Nermin-alhoti@hotmail.com

صارت الطيبة في وقتنا ..«إخبال»

قبل أن نبدأ قصتنا وجب علينا أن نعرف كلمة «إخبال» لكل من يظن أن الصدق والصراحة والأمانة والجراءة في ذلك الوقت أصبح يطلقون عليها «إخبال»، تعرف المعاجم اللغوية العربية بأن مصدر إخبال كلمة «خبل» هو اسم، والخبل هو «مسّ» من الجنون ذلك هو المعني، وذلك هو الاسم الذي أصبح العديد يقومون باستخدامه ويطلقونه على كل من يتصف بالصدق والجرأة الصراحة ويقولون عليه «خبل».

من هنا تبدأ قصتنا من بيت «أبو مبارك» وكعادتنا الله لا يقطعها عادة ملتقى يوم الاثنين حيث كان الأصدقاء جميعهم متواجدين في هذا اليوم لأن من الأسبوع القادم سيتوقف الملتقى حتى بداية شهر أكتوبر فالتزم الجميع بالحضور للسلام والمباركة بشهر رمضان الكريم وأثناء الحوارات والمناقشات كانت تتحدث أخت فاضلة تدعى «أم يوسف» يتسم حديثها بالصدق والجرأة والصراحة وهذا لا يقتصر فقط بحديثها، بل تكوين شخصيتها أيضا فالكل يعرف مواقفها سواء بالحديث أو بالفعل لهذا عندما تتحدث الكل ينصت لها لمصداقية وجرأة حديثها.

كانت أم يوسف تتحدث عن الأجواء السياسية الداخلية والخارجية وما نعيشه من أزمات في تلك الآونة وإذا بشخصية مرموقة في المجتمع «محمد» يقوم أثناء حديث المرأة يتكلم بصوت خافض ولكنه مسموع للأغلبية: اذبحتنا بخبالها، صچ لما قلت عنها من أول يوم إنها خبلة!

الجميع أصابه حالة من الذهول فرغم أن أم يوسف سمعت الجملة، إلا أنها استمرت بحديثها بنفس وتيرتها التي تحمل صلابة شخصيتها كما لو أنها لم يرد على مسامعها ما وصفت به، وبعد انتهاء حديثها وقبل مناقشتها استأذن أبومبارك من الحضور بالحديث وليس للمناقشة أوالتعليق لما قالته أم يوسف وهنا الجميع امتلكه الصمت والانصات لما سوف يقوله أبومبارك:

للأسف الشديد أصبح الأغلبية ليس فقط في مجتمعنا، بل في الكثير من مجتمعاتنا العربية والعالمية ينظرون لكل من يتكلم بجرأة تمتلك كلماتها مصداقية الحروف بنظرة المجنون أو المختل عقليا، أصبحنا نغرس في بيئتنا ومجتمعنا وأبنائنا الكذب والخوف لكي لا يصبحوا مجانين كما يظن البعض بأنه جنون، والسؤال هنا للأستاذ محمد: أليس قدوتنا هو رسول الله؟ فأجاب: نعم.

ورسولنا الكريم بماذا كان أهل مكة ينادونه؟ فأجاب: بالصادق الأمين.

وهنا قام أبومبارك من مجلسه وهو يقول: مبارك عليكم الشهر.

مسك الختام: يقول الإمام الشافعي:

إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا

فدعه ولا تكثر عليه التأسفا

ففي الناس أبدال وفي الترك راحة

وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا

فما كل من تهواه يهواك قلبه

ولا كل من صافيته لك قد صفا

إذا لم يكن صفو الوداد طبيعة

فلا خير في ود يجيء تكلفا

ولا خير في خل يخون خليله

ويلقاه من بعد المودة بالجفا

وينكر عيشا قد تقادم عهده

ويظهر سرا كان بالأمس قد خفا

سلام على الدنيا إذا لم يكن بها

صديق صدوق صادق الوعد منصفا

Nermin-alhoti@hotmail.com

التعليق

x

إقرأ أيضا