د. نرمين الحوطي

profile picture

Nermin-alhoti@hotmail.com

يا غريب كن أديب

بقلم : نرمين الحوطي

لكل مثال قصة، وقبل أن نسترسل في سطور مقالنا وتسليط إضاءتنا على قضيتنا، علينا أن نقص ولو بعض الشيء من أصل حكاية مثالنا «يا غريب كن أديب»:

تقول الرواية إن رجلا اشتهر بإكرام ضيفه ولكنه يضرب الضيف بعد إكرامه، سمع أحدهم عنه فاستغرب وأراد أن يجرب بنفسه، فذهب إلى الرجل فاستقبله وأكرمه لكنه كان ينتظر أن يضربه فلم يفعل، فاستأذن منه للرحيل وعند وداعه أخبره بما سمع عنه، فضحك الرجل وقال: أنا لا أضرب ضيفي إذا كان أديبا ولا يتدخل بما لا يعنيه، وأنت لم تتدخل بشيء فلم أضربك؟ وإذا أردت أن تعرف أكثر فاجلس حتى الغد ليأتي ضيف آخر، فجلس الرجل ليرضي فضوله، فدخل عليهم ضيف غريب فاستقبله صاحب الدار وبدأ يحضر القهوة، وبعد قليل بدأت القهوة تغلي وكادت تنسكب فهرع الضيف الجديد إليها ليرفعها عن النار، فقام صاحب الدار بضربه على يده وقال له: «يا غريب كن أديب».

ومن هنا تبدأ إضاءتنا، كم من أناس دخلاء على مجتمعنا لا نقول جنسية، لأننا كلنا أمة واحدة تشهد بأنه لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ولكن استغرب من أناس دخلوا مجتمعنا وأصبحوا مع الوقت جزءا لا يتجزأ منه سواء أكان بالزواج أو بالعمل أو غيرهما من طرق جعلتهم جزءا من هذا المجتمع بتصرفاتهم وأفعالهم!

أتذكر والدتي، رحمها الله، وهي من علمتني تلك المقولة «يا غريب كن أديب»، لأن الكل يعلم أن والدتي تنتمي لأرض الكنانة، فكانت، رحمها الله، تحترم الكلمة قبل أن تقولها وتفكر في التصرف قبل أن تقوم به، وكان ذلك على الدوم ليس لأنها تشعر بأنها غريبة عن مجتمعنا، ولكن احتراما لوالدي ولمجتمعه، كما كانت تحرص على غرس كل عادات وتقاليد الكويت فينا، كانت رحمها الله عندما يقع عليها ظلم لا تتكلم أو تعارض، وعندما نغضب ونحزن على ما يقع عليها من ظلم ونقول لها: لماذا السكوت؟ ارفعي شكوى على هذا الظلم؟ لابد أن تأخذي حقك؟ كانت الإجابة: «يا غريب كن أديب».

أما اليوم فنحن نرى الكثير من التوحش والانتقام ليس فقط من بعض الأجانب المتزوجات من كويتي بل من العديد من الدخلاء على مجتمعنا سواء عن طريق العمل.. البيت.. الجامعة.. وغيرها من طرق جعلت من هؤلاء المستشرين جزءا من مجتمعنا وأصبحوا بؤرة انتقام من أبناء الكويت!

في الماضي لم نكن نسمع تلك الكلمات التي نسمع بها هذه الأيام على سبيل المثال: هان كرامتي.. لابد أن أنتقم منه.. جرحني بنظراته.. أصابني التنمر.. وغيرها من جمل لا أعلم ما هي أجنداتهم وخلفياتهم، إلا أنني لا أمتلك إلا جملة واحدة لكل من يحاولون العبث بتمزيق مجتمعنا وأقول لهم مقولة والدتي رحمها الله: «يا غريب كن أديب».

٭ مسك الختام: قيل لحكيم: إن فلانا يتكلم فيك. فقال: «مرحبا بالأجر الذي لم أتعب فيه».

Nermin-alhoti@hotmail.com

 
 https://pdf.alanba.com.kw/pdf/2022/12/28-12-2022/09.pdf

التعليق

x

إقرأ أيضا