يا حلو مقعد عماتي
في مساء كل يوم اثنين يتجمع الأبناء والأحفاد والأحباب في بيت «عمات أبوي»، في هذا الأسبوع تناولنا موضوعا أصبح يعاني منه الكثير من الأسر ليست فقط الكويتية بل الكثير من المجتمعات سواء العربية أو الأجنبية أيضا وهو «عدم التواصل».
بدأ النقاش عندما كنا نتحدث عن «الواتساب» وما قام به هذا التطور التكنولوجي من قطع أحبال التواصل بين البشر؟ بل كيف جعلت تلك التكنولوجيا الجديدة لغة الكتابة هي الأساس في العلاقات الإنسانية مما جعل أغلبية المجتمعات تفقد لغة الكلام!
وهنا تكلمت «عمتي» وسألت من كان متواجدا وقالت: «من منكم يقوم بالاتصال للسلام والاطمئنان على الآخرين؟ الله المستعان صار الكل بس ماسك هالجهاز ويكتب، ليش ما نشيل التلفون ونسأل»؟
تلك هي الحقيقة وذلك أصبح حال أغلبية المجتمعات، أصبح التواصل من خلال قطعة معدنية نكتب من خلالها مشاعرنا وأحاسيسنا وحزننا وآلامنا ومن ثم ترسل عبر الفضاء الالكتروني دون أن تحمل نبرات الحزن أو الفرح، فقط نكتفي بوضع وجوه ضاحكة أو حزينة وفق المناسبة المبعوث فيها، أصبحت عواطفنا مقيدة داخل تلك الشاشة، ومشاعرنا ترسم من خلال تلك الوجوه المحددة في الجهاز إلى أن فقدنا رنين الضحكة وتناسينا آهات الحزن اشتقنا لكلمة «ألو».
بدأت الكلمة بالمشاعر إلى أن انتهت بنا لأعمالنا وتربيتنا وأحوال دنيانا، فكم من مسؤول يقوم بانجاز جميع معاملاته مع موظفيه من خلال «الواتساب»، وكم من أم تقوم بالاطمئنان على أبنائها وأسرتها ومنزلها من خلال رسالة تبعثها للمربية بالمنزل سائلة وتجيب على ما سألت؟ ومن منا لا يمتلك الكثير من الجروبات للكتابة بها لمعرفة أحوال العالم وأحوال مجتمعه، إلى أن اصبح عالمنا يمكث داخل «الواتساب».
فقدنا التأمل فلم نعد نعيش دنيانا مما جعلنا لا نمتلك الإحساس لنتمتع بما يحمله الكون من جماليات خلق الله- عز وجل- لبني البشر، أصبحنا نشابه أجهزتنا فهي تحمل الكثير من المعلومات ولكن لا تمتلك العواطف والمشاعر، إن الله- عز وجل- عندما خلق الإنسان فرق بينه وبين سائر مخلوقاته بالعقل والنطق، وها نحن اليوم نقوم برفض ما أنعم الله سبحانه به علينا «الكلام» ونقبل على أنفسنا أن نكون مجرد آلات تكتب ما لا تشعر به لأنها فقدت النطق وفضلت أن تصبح آلة معدنية تحت مسمى التطوير والتقدم.
٭ مسك الختام: تقول عمتي «أوصلني بما أني أنا حي ولا مت لا تبكي علي».
Nermin-alhoti@hotmail.com
إقرأ أيضا