د. نرمين الحوطي

profile picture

Nermin-alhoti@hotmail.com

بناء الحارس


عندما أراد الصينيون القدامى أن يعيشوا في أمان بنوا سور الصين العظيم واعتقدوا بأنه لا يوجد من يستطيع تسلقه لشدة علوه، ولكن خلال المائة سنة الأولى بعد بناء السور تعرضت الصين للغزو ثلاث مرات! وفي كل مرة لم تكن جحافل العدو البرية في حاجة إلى اختراق السور أو تسلقه، بل كانوا في كل مرة يدفعون للحارس الرشوة ثم يدخلون عبر الباب وهذا أمر طبيعي لأن الصينيين انشغلوا ببناء السور ونسوا «بناء الحارس».

كل منا حارس على وطنه وموطنه، من تلك القصة القصيرة التي تداولها الكثيرون لتكون عبرة ومثالا للمستمع والمشاهد والقارئ واليوم نقوم بالاستناد إليها لما نصبوا إليه من مقالاتنا، أصبحت مجتمعاتنا تفقد الكثير من القيم والمبادئ التي كان لا بد أن نغرسها في مجتمعاتنا وأطفالنا ليكونوا خير حراس على موطنهم وعلى وطنهم.

في تلك الآونة أصبحت مجتمعاتنا تفتقد الكثير، وتلك هي لعبة لمن يريد سقوط الدول العربية في الماضي والحاضر والمستقبل، لانه إذا أردنا سقوط وهدم أي حضارة نقوم بهدم ثلاثة أسس هي: «الأسرة التعليم القدوات والمرجعيات» وهذا ما حدث في الوطن العربي سقطت الأسس الثلاثة لبناء حراسها وبقاء حضارتها.

الأسرة هي النواة الأولى للمجتمع وأصبح التفكك الأسرى بسبب غياب الأم والأب وأصبح الأطفال لا يجدون من يقوم على تربيتهم وتصحيح أخطائهم وتقويمهم، فقط أصبحت الأغلبية تعتبر الأسرة ما هي إلا واجهة اجتماعية للظهور بها أمام المجتمع بأنهم يمتلكون أسرة متماسكة محبة أمام المجتمع مع العلم بأن ذلك غير الواقع وأن كلا من الأم والأب لا يعلمان أبنائهما في أي مرحلة دراسية فقط أصبح الأبناء واجهة للآباء بأنهم عناصر إيجابية في المجتمع فقط، أما القيم والتربية فلم تغرس في حراس الوطن.

التعليم هو النقطة الثانية في حياة الإنسان وبناء الحارس ولكن كيف؟ وأين؟ تلك هي المعضلة فالتعليم يتسلم أغلبية الأبناء لا يمتلكون التربة الصالحة، فكيف يقوم المعلم بتكملة ما زرع الآباء لكي يحصد الخير للوطن وبالأساس لم يغرس شيء في تربة الحراس؟ تلك هي التربة العقيمة، أما المزارع ونقصد به المعلم الذي أصبح في تلك الآونة لا يعرف ولا يعلم ما أسس التعليم!

أين المعلم الذي كتب فيه أمير الشعراء أحمد شوقي:

قم للمعلم وفه التبجيلا

كاد المعلم أن يكون رسولا

تلك كانت حضارتنا، أما واقعنا ومستقبلنا فأصبح من النادر أن نجد من يعرف معنى التعليم وكيف يبني حارسا.

القدوة والمرجعية قدوتنا ومرجعيتنا في هذا الوقت ما هي إلا بعض التغريدات والسناب.. وغيرها من الأفكار الهدامة التي تغرس في حارس الوطن والموطن!

٭ مسك الختام: يقول معلمي «أبومبارك» لي على الدوم: «إذا نصحك من يحبك بشدة فلا تتضايق بل استفد من ملاحظته ولن تضرك شدته، ولا تكن كالذي كسر أكثر من ساعة منبه لم يكن لها ذنب إلا أنها أيقظته!».

Nermin-alhoti@hotmail.com

التعليق

x

إقرأ أيضا