لم أعد أرغب في العيش معه
من بين الأوراق القديمة وجدت تلك السطور وعند قراءتها وجدت أنها ليست فقط من عبق الماضي ولكنها تعيش معنا إلى الآن، تقول تلك الكلمات التي تنتمي إلى كاتبتها الروائية منال علي: «شعرت بغصة تكتم أنفاسي.. وآهات تأبى أن تغادر قلبي.. دمعة ساخنة فرت من بين أجفاني حطمت آخر لحظة صمود في نفسي.. حدثت نفسي.. ماذا فعلت لأستحق ذلك؟ لماذا يعاملني بهذه الطريقة؟ لماذا لا أعجبه؟ لماذا لا أستطيع إرضاءه؟ لماذا يعمد إلى تكسيري وكأني قطعة زجاج هشة بالية ليس بحاجة إليها؟ لماذا يهمشني وكأنه لا وجود لي؟ لماذا جمعني القدر به؟ لم أعد أشعر بأنوثتي.. لم أعد أحب نفسي.. لم أعد أحبه.. ولم أعد أرغب في العيش معه».
تلك الكلمات كانت خاتمة رواية «لم أعد أرغب في العيش معه» قد تكون الرواية قديمة وبرغم ذلك إلا أن تيمة الرواية قضية ممتدة لا تحكمها الأزمنة والعصور وهي تحطيم الذات الإنسانية، اليوم لن أخص المرأة ولكن سنطرح قضيتنا بوجه عام يشمل الجنسين «الرجل والمرأة»، لأن تحطيم الذات والشعور به شعور يكمن في الذات الإنسانية ولا يقتصر على الجنس.
تحطيم الذات والتجاهل هي قضية متشعبة الطرق ومختلفة الأساليب وتبقى النتيجة الموحدة «الإحباط النفسي»، بالأمس كانت القضية التي من الممكن أن تقتصر على الزوج والزوجة أو في إطار ضيق في الأسرة أو العمل، واليوم نجد أن الأغلبية يمتلكون شعور الإحباط النفسي والسبب الرئيسي التجاهل وعدم المبالاة لما يقوم به الفرد سواء على الصعيد المهني أو العائلي أو العاطفي أيضا.
أصبحت مجتمعاتنا تعيش في قوالب مثلجة برغم من شدة الحرارة إلا أن مشاعرنا متبلدة تجاه الآخر، فإذا قمنا بتلخيص روايتنا لكم لتلك المرأة التي كانت تفني عمرها من أجل زوجها وتسعى بشتى الطرق لإسعاده والعمل بشتى الطرق لإدخال الفرح الى قلبه كانت ما تجده من سلبية من زوجها تجعلها تنهي حياتها بقرار بعدم الرغبة في العيش معه.
إذا نظرنا للقصة فسنجد أن الرواية متكررة سواء في الأمس أو في حاضرنا، فبالأمس كانت بطلتنا نورا في بيت الدمية لأبسن واليوم لكاتبتنا منال علي وحاضرنا أصبح البرود يسكن أغلبية منازلنا وأصبح الحب في بيات شتوي وأصبحت اللامبالاة عاملا أساسيا في مجتمعنا إلى أن أصبحت تربيتنا للجيل القادم تحمل تلك الجينات التي تورثت من تجاهل الزوج أو الزوجة ومن الممكن العكس.
ذلك كان مثالا لتيمة روايتنا وقد نجدها في العمل بين الموظف ورئيسه أو بين الطالب ومدرسه فكما قلنا قضيتنا لا تتعلق بأزمنة ولا بشخوص بل تنتمي لشخوص ومجتمعات تفقد معني الحب وأصبحت الأغلبية تقول: لم أعد أرغب؟
٭ مسك الختام: الزمن لا يغير أحدا.. الزمن يكشف كل إنسان على حقيقته.
Nermin-alhoti@hotmail.com
إقرأ أيضا