قبل البدء في مقالنا وجب علينا أن نسلط الضوء بعض الشيء على أسطورة أيزيس وأوزوريس التي تدور أحداثها من الحب الخالد والبقاء من أجله، تبدأ الأسطورة التي تنتمي للحضارة الفرعونية بقتل ست لأخيه أوزوريس من أجل عرش الملك، ولم يكتف ست بمقتل أخيه ولكن قام بقطع جسده إلى اثنين وأربعين جزءا وقام بتوزيعها على أقاليم مصر، لم تستلم إيزيس الزوجة المحبة لزوجها لهذا الأمر، بل هربت من حكم ست وذهبت لتقوم بتجميع اشلاء زوجها وبعد تجميع جسد محبوبها أنجبت منه بعد ذلك ولدا هو حورس، وأصبح أوزوريس ملكا في مملكة الموتى، تلك هي الأسطورة التي يعتقد الكثير أنها من نسيج الخيال، وبرغم هذا إلا أن كلمات التاريخ والحضارة تخلد ذلك الحب وتشيد بتضحية إيزيس لأوزوريس وما تحملته من عناء وشقاء إلى أن استطاعت تجميع جسد محبوبها وزوجها أوزوريس ليرجع لها مرة أخرى.
بعيدا عن الأساطير وحكايات الحب الخالدة يبقى السؤال: أمازال الوقت يمتلك من الحب ليضحى من أجله؟
بالأمس البعيد كانت الأزمنة تختلف عما نقرأه في عصرنا هذا، كان التاريخ يسجل للحضارات ما تمتلكه من فتوحات واختراعات وقصص تحمل الكثير من أشعار «الحب والتضحيات»، أما اليوم فما نمتلكه من الحب والتضحية ما هو إلا قليل وما نمتلكه ليسجله التاريخ لا شيء له قيمة لتسجل، فعالمنا لن ولم يكون حضارة يسجلها التاريخ.
قضيتنا اليوم ليست هي التاريخ وسطورنا لا تحاور اساسيات الحضارات، ولكن كلماتنا تنبع من الحب الذي يعد أساس الكون، بدأ عنوان مقالتنا بالتساؤل إذا كان إلى الآن يعيش معنا أوزوريس أم لا؟ وهذا لا يعني أن قضيتنا تقتصر فقط على الرجل بل أيضا السؤال يطرح نفسه، أمازالت أوزيس متواجدة في هذا الوقت؟
ان الحب أصبح عملة نادرة وقد يخفيها البعض ظنا بأنها أصبحت صفة للضعفاء وما هذا وذاك إلا أننا نجاوب عما يظن بأن الحب ضعف وأن الحضارات والتاريخ لم تسجلا إلا قصص حب الأمراء والنبلاء ولم نتغن ونشعر إلا بقصائد كبار الشعراء، واليوم أصبحت الأغلبية تستنكر للحب ظنا منها بأنه ضعف وذل فما نقول لهم إلا: أقرأوا التاريخ لكي تجدوا فيما بينكم أوزوريس ليبحث عن أوزيس.
٭ مسك الختام: الحب جزء من وجود الرجل، ولكنه وجود المرأة بأكمله (بيرون).
Nermin-alhoti@hotmail.com