ذو الحظ السعيد وحامي أهل بابل وغيرها من الأسماء التي أطلقت على نبوخذنصر الثاني الذي حكم الامبراطورية البابلية في العهد السادس قبل الميلاد، لن أسلط الضوء على فتوحاته وحروبه وانتصاراته على الآشوريين واليهود، ولن تكون سطورنا عن بنائه للامبراطورية الكلدانية البابلية العظيمة ولا تشمل كلماتنا المدح والذكر في قوته التي امتدت من الخليج العربي وبلاد الفرس إلى البحر الأبيض المتوسط ولن أقوم بسرد قصته مع النبي دانيال لمعرفة حلمه وتفسيره، إنما اليوم محورنا وتيمة مقالتنا تنصب في «الحب والعشق».
بعيدا عن القوة والحكم والانتصار وأنظمة الدول تبقى العاطفة عندما تصدق في الإنسان تصبح المحرك الأساسي له والدافع الأساسي لتقدمه وها هو «نبوخذنصر الثاني» بقوته وحكمته إلا عاطفة الإنسان باقية في قلبه محب لزوجته عاشق لها فبرغم من فتوحاته وتأسيس امبراطوريته لم ينس الحب فمن عشقه لزوجته أقام الحدائق المعلقة التي كانت تسمى في عصره الجنائن المعلقة ذلك هو الحب وها هو الإكرام، عندما أراد أن يكرم زوجته أميديا ابنة الملك سياخريس قام «نبوخذ نصر الثاني» بتكليف الرحالة الاغريقي هيرودوت ليؤرخ لها وللمعلقات ليجعل من حدائقه أعجوبة من عجائب الدنيا السبع.
ما أجمل الحب والأجمل منه أن تبرهن ذلك العشق في شيء يرمز مقدار حبك لزوجتك، قد يندهش البعض ويقول: هل معنى ذلك أن كل محب لزوجته من المفترض أن تبنى لها حدائق المعلقة؟ لا لم أقل ذلك ولكن ما أصبو إليه وهو أن العاطفة ليس بالثمن ولا بالطلب ولكن بالمعنى، بمعنى أبسط أليس بالإمكان أن «نبوخذنصر الثاني» يقوم ببناء قصر لها أو يكتب لها إحدى المدن أو ما يماثل تلك الأشياء ولكنه أراد أن يسجل اسم زوجته في تاريخ مناصفة له في العطاء ليثبت للتاريخ والحضارات بأن عشقه وحب تلك السيدة له هو من جعله يقوم بتلك الإنجازات والمآثر التاريخية إلا أن أصبحت الدويلات امبراطورية ذلك هو الحب بأن يشرك الحبيب محبوبته بإنجازاته ويثبت للعالم بأن وراء كل رجل عظيم امرأة وها هو «نبوخذنصر الثاني» من الممكن أن تكون حقبته كان بها بعض المساوئ ولكن برغم من هذا وذاك تبقى المعلقات رمزا إلى يومنا هذا باسم محبوبته وزوجته أميديا وحبه لها، لم يقبل بأن يكتب ويذكر في تاريخ بمفرده فجاهد لتكون شريكته أميديا أيضا ملازمة له فيما سيكتب عنه في تاريخ الحضارات، وها نحن اليوم وبعد مرور القرون والعصور عندما نذكر مآثره وذكراها نذكر محبوبته بل أصبحت أميديا بصمة في عجائب الدنيا السبع ومن كان يمتلكها في ذلك الوقت فقط محبوبها «نبوخذنصر الثاني» ذلك هو الحب.
٭ مسك الختام: قالت الشاعرة ولادة بنت المستكفي:
أغار عليك من نفسي ومني
ومنك ومن زمانك والمكان
ولو أني خبأتك في عيوني
إلى يوم القيامة ما كفاني
Nermin-alhoti@hotmail.com