سئل الإمام على بن أبي طالب كرم الله وجه: ما يفسد أمر القوم يا أمير المؤمنين؟ قال: ثلاثة وثلاثة، وضع الصغير مكان الكبير، ووضع الجاهل مكان العالم، ووضع التابع في القيادة، فويل لأمة: مالها عند بخلائها، وسيوفها بيد جبنائها، وصغارها ولاتها.
من تلك المقولة التي تعني الكثير في تنظيم أمم وليس فقط في مجتمعنا وبعيدا عن التنظيمات والتحليلات، إلا انني عند قراءتي لها وجدت أن الكثير منها ينطبق على الكثير من مجتمعاتنا العربية وخاصة وضع أناس لا نعلم عنهم شيئا ولا يحملون من العلم وفن الإدارة إلا القليل وفجأة نجدهم يجلسون على الكراسي القيادية كيف؟! ولماذا؟! وأين؟! لا نعلم إلا أنهم أتوا بالباراشوت وأصبحوا يمتلكون زمام الأمور، تلك هي قضيتنا التي أصبحت نهجا وليست ظاهرة في أوساطنا العملية والعلمية.
الباراشوت تلك الأداة التي يستخدمها الهواة المحبون بإلقاء أنفسهم من أماكن مرتفعة فيقومون بالاستعانة بالباراشوت للتقليل من سرعة الاندفاع مع الهواء وثقل الجسم «عملية فيزيائية وهذا ليس بموضوعنا» فتقلل من سرعة الهبوط ويضمن نزولا سليما من المرتفعات على الأرض، ذلك هو الباراشوت وتلك هي الهواية ولكن البعض أخذ من الأداة ليس للتقليل بل للإسراع في القفز والوصول إلى الأعلى دون وجه حق.
لن نحدد وظيفة معينة ولن نبحر في الكثير من القيادات التي نجد من تمركز عليها يوجد من أحق هو منه بها ولكن من يمتلك الحق لا يمتلك هواية القفز وكيفية استخدام الباراشوت، أما الأغلبية الذين أصبحوا مرضا متفشيا في مجتمعاتنا فأصبحوا ماهرين في القفز والتحذلق على الآخرين بواسطة الباراشوت الذي أصبح يعطي لهم ما يريدونه من مناصب وقيادات دون وجه حق مع العلم بأنه يوجد الكثير من الكفاءات المشرفة التي تعمل لكي تصل ولكن في نهاية المطاف وبعد العناء والتضحية والتفاني في العمل تكون مكافأتهم أن يأتي المتحذلقون بالباراشوت ويجلسون في أماكنهم التي كانت أمانيهم وطموحاتهم لأنهم للأسف لم يتعلموا على الباراشوت!
وإذا قمنا بالتدقيق في كلمات الإمام علي-كرم الله وجه- فسنجد أنه حذر من هؤلاء المتحذلقين لأنهم هلاك وفساد الأمم عندما نقوم بإعطائهم وإلباسهم ثوبا أكبر منهم وهذا ما نراه في الكثير من دوائرنا الحكومية، فكم وكم ممن أصبحوا يمتلكون القرار وهم ليسوا من أهل القرار فقط يعرفون الباراشوت!
٭ مسك الختام: ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع.
Nermin-alhoti@hotmail.com