حسبة وما تنحسب
في مقالتي السابقة قمت بالتنويه إلى أننا سنكمل اليوم الجزء الثاني من محاورتي مع أستاذي حول عالم التكنولوجيا، ففي المرة السابقة اختصت سطورنا عالم الفنون والموسيقي وسلطنا الضوء على أغنية «ست الحبايب» وتاريخها من حيث أحداث كتابتها وكيفية خروجها للجمهور، وبعد انتهائنا من الشق الثقافي والذي كان مربوطا بالشق التكنولوجي، قام معلمي وطلب مني قبل أن يروي لي قصة الأغنية أن أبحث عنها في برامج التكنولوجيا المحملة على جهازي (معلومة: أستاذي من القلة الذين يحملون جهاز النقال الذي لا يحتوي على شيء من علوم التنكولوجيا فقط رسائل والاتصال والرد، أجهزة الزمان الأول)، وعندما طلب مني هذا الشيء قلت له: أنت تعلم بأنني لا أستقطب معلوماتي إلا من الكتب. وطلبت منه أن يروي لي القصة، وبعد الانتهاء من قصة الأغنية توجه إليّ متسائلا: كم تدفعين شهريا لخاصية النت؟ فأجبته بالمبلغ، وإذا به يضحك ويقول: «وتقولون نتكلم ببلاش!».
وهنا قلت له: ماذا تقصد؟ فأجابني بطريقة حسابية كما لو أنني أجلس أمام عالم رياضيات وبالفعل بعد الحسابات والضرب والتقسيم كانت حصيلة الحديث- وأخص الأناس الذين يستخدمون الاستخدام العادي للهاتف- أن التنكولوجيا المتقدمة والنت لهم مكلف أكثر من المسجات، فإذا دققنا بما نقوم بدفعه شهريا فسنجد أننا عندما نقوم بإرسال رسائل تكون تكلفتها المادية ربع قيمة ما ندفعه للنت ومخرجات البرامج التابعة له للتواصل، بجانب هذا لفت انتباهي أستاذنا لنقطة غابت عن أغلبية من يقوم باستخدام الوسائل الحديثة للتواصل وهي أنه في الماضي عندما كانت الدولة العظمي- ونقصد الولايات المتحدة الأميركية- تريد المعرفة وتحصيل المعلومات عن دولة ما تبعث بباحثين ودارسين وموظفين لمعرفة تربة ونوعية تلك المجتمعات، أما اليوم وهي تسيطر بأجهزتها وبرامجها على جميع المجتمعات فلا تحتاج الى أن ترسل من يستقطب لها الجو العام والخاص لتلك الفئات، بل أصبحت تمتلك جميع الأحداث أولا بأول من خلال وسائل الاتصالات من شركاتها التي تمتلك أغلبية وسائل الاتصال المستحدثة، وهذا يعني أن مجتمعاتنا أصبحت مكشوفة ولا تمتلك من السرية شيئا أمام الجانب الآخر، أي عالم الاستخبارات، الذي اتخذ هوية جديدة من خلال وسائل الاتصالات التي من خلالها سيطر على أغلبية المجتمعات، بل أصبح أداة لتحريكها أيضا كما حدث في الربيع العربي.. وهنا سكت أستاذي عن الكلام مستأذنا لارتباطه بأعمال وهو يودعني قائلا: «يلا عطيتك موضعين للكتابة».
٭ مسك الختام: قال الإمام الشافعي «ومن لم يذق مر التعلم ساعة.. تجرع ذل الجهل طول حياته».
Nermin-alhoti@hotmail.com
إقرأ أيضا