في البدء وجب علينا ان نمهد لقصة «عايشة» من حيث الزمان والمكان لنعيش بعض اللحظات الجميلة الممتلئة بالثقافة والعلوم كما عشناها نحن، بدأت القصة عندما دعيت لمعرض كتاب الشارقة الدولي لدورته الـ 33 وكان ذلك من تاريخ الرابع من نوفمبر على مدار عشرة أيام وتعد تلك الزيارة الأولى لي فظننت أن المعرض سيكون مثل المعارض الأخرى عبارة عن «عرض للكتب» ولكن منذ أن وضعت قدمي على أرض الإمارات فان ما رأيته غير في كل شيء من حيث الاستقبال والتنظيم فظننت أن ذلك ما هو إلا كرم أهل الإمارات الذي نعرفه عنهم وهذا ليس بجديد على شعب «زايد».
في صباح يوم الافتتاح الذي كان بحضور حاكم الشارقة سمو الشيخ سلطان القاسمي - حفظه الله ورعاه - اتجهنا إلى المعرض وكان كل شيء منظما ومع ذلك التنظيم كان الهدوء يسود المكان من حيث الحركة والأمن، ولم نشعر بهم، بل بالعكس كانوا جبهة ترحيبية لنا ومساعدة لمنظمي المعرض بدأ الاحتفال ولن أخوض فيه لأن الكثيرين كتبوا عنه وما تم به، ولكن ما لفت انتباهي هو أن الاحتفالية كانت تحمل رسالة لكل عالم وهي تثبت أن «السياسة والثقافة وجهان لعملة واحدة» ذلك ما أثبته حاكم الشارقة - حفظه الله ورعاه - وهو يوقع كتابه الجديد فدمج بين السياسة والثقافة وهذا ما يريد ان يرسخه في أذهان العالم في كل مناسبة تكون برعايته وبحضوره بأن الثقافة جزء لا يتجزأ من السياسة.
انتهت الاحتفالية وبدأ العرس الثقافي الذي كان يحمل الكثير من الكلمات والأفكار سواء فنية وسياسية وعلمية واجتماعية وغيرها لتعرضها وتناقشها مع الجمهور على جميع الفئات والجنسيات فالفكر لا يفرق بين النوع ولا الهوية، هذا هو معرض الشارقة الدولي الـ 33 وها نحن نعيش أيامه إلى يومنا هذا ومع تلك الأيام الثقافية والعلمية والعملية وعندما كنت جالسة في ركن دار النشر القاسمي أتت امرأة تحمل أعوام الستينيات من عمرها واعتقدت أنني أعمل في دار النشر وقامت بسؤالي: لو سمحتي يا بنتي أبي كتاب الجديد لحاكمنا؟ وإذا بي أقوم بمساعدتها لأنني أعرف ما تريده وأين مكانه وبعدما أعطيته لها قامت بالسؤال: هذا في تاريخ بلادنا؟ وشوفي حقي شنو في كتب في تاريخ بلادنا؟ وهنا اعتذرت لها بأنني لا أعمل في دار النشر وقمت باستدعاء أحد الموظفين لها وبعدما انتهت بالشراء قمت بسؤالها عن اسمها، فقالت عايشة انتي من اين يا بنتي؟ فقلت لها انني من الكويت وبعد الترحيب سألتها: لماذا تريدين أن تعرفي التاريخ وكيف عرفت أنه يوجد كتاب جديد يسرد ذلك؟ فأجاب: هي يا بنتي لازم الإنسان يعرف تاريخ جدوده ويعرف وين كان وين بيصير وأمس كنت أشوف التلفزيون وشفت حاكمنا الله يحفظه يتكلم على المعرض وعن الكتاب فقلت لازم باجر أروح المعرض واشتريه.
ومن هنا انتهت قصة «عايشة» ولكن لم تنته الكلمات والمعرفة أن الرسالة الإعلامية التي قام المعرض من أجلها منذ أن نشأت فكرته ها هي تحصد ثمارها بأن تجعل نساء قد لا يكن اكملن تعليمهن وبرغم من عدم امتلاكهن شهادات عليا إلا أنهن يثابرن من أجل المعرفة، تلك هي رسالة المعرض وتلك هي الشارقة عاصمة الثقافة والمعرفة والفكر وتلك هي شعوب الأمم أتت في كل عام مرحبة بهم ديار الشارقة وجميع إماراتها فاتحة الأبواب لهم للاطلاع على كل ما هو جديد في العلم والمعرفة وتلك هي «عايشة» التي يوجد مثلها الكثير في الشارقة وصلت إليها الرسالة الإعلامية وجعلتها شغوفة بالتاريخ والثقافة وها نحن أيام ونرجع من دار «زايد» متلهفين للعام القادم لما يحمله المعرض في دورته الـ 34 من أفكار تحمل بين طياتها كل ما هو جديد.
٭ مسك الختام: للحديث بقية غدا «أيام الشارقة».
Nermin-alhoti@hotmail.com