عندما كنا صغارا كانت أمانينا كثيرة، ففي كل المساء عندما نخلد إلى النوم تتغير أحلامنا وتسبح أفكارنا البكرية في سماء الكون دون قيود أو حدود، وفي كل ليلة كانت أطيافنا تتغير وتتلون كما نريد وكما نهمهم لأنفسنا.
كم منا تمنى أن يكون وزيرا، والآخر طيفه صور له أن يصبح ممثلا وجميلا ووسيما، وكم منا تخيلت صورتها وهي عروس وأم، والبعض منهن كانت أطيافهن تتوجهن أميرات، كانت الهمهمات جميله وأطيافنا يملؤها التفاؤل والأمل بل كانت الهمهمة تحمل بداية ووسطا ونهاية، وجميعها بنيت على فكرة أو إعجاب وإذا قمنا بتجميعهم نجد أن الأمل والأمنية أساس كل همهمة من همهمات الماضي.
أما اليوم فسماؤنا خلت من الهمهمات والأفق أصبح لا يمتلك الأطياف الوردية، وإذا قمنا بالبحث والتركيز لوجدنا سماءنا أصبحت كتلة من الجمر وأحلامنا أصبحت كوابيس مزعجة للكل، فإذا قمنا على الفرض بالسؤال لمستقبلنا عن همهماتهم نجد أنها استبدلت فأصبح الكره يملؤها والعنف أساسها، وإذا سألنا: لماذا؟ نجد أن من نقوم بمحاكاتهم هم مجرد آلات للآخرين سخروا لهم، أصبحوا لا يمتلكون الفكر والتفكير، بل فقدوا الحلم والأمنية، مستقبلنا ما هو إلا آلات للهمهمات بما يسمعون ويشاهدون للآخرين، أما مخيلتهم فجردت من الهمهمة.
آلات تتحرك وتهمهم ولا نعرف بما تنطق أو بما تفكر، فقط همهمات تزعج من يسمعها، بالأمس عندما كنت أحكي لوالدتي عن همهماتي كانت تدعو لي بأن يحققها الله لى، أما اليوم فعندما نسمع آلاتنا بما تهمهم ما نقول إلا: الله يستر.
هؤلاء هم وها نحن وما بين الأطياف والأشباح جمر يأكل همهمات مستقبلنا، قد يقول البعض إن ما أكتبه فلسفة، لكن الفلسفة ما هي إلا همهمات مفكر، إن الإنسان بنيت شخصيته منذ أن بدأ يهمهم ومن ثم تحولت تلك الهمهمات إلى أفكار من الممكن تحقيقها ومن الممكن صعوبة الوصول إليها ولكن تبقى النتيجة واحدة وهي الأمل الذي يجعل الإنسان يبني نفسه على أسس صحيحة فالأمل والأمنية هما الدافع بأن يجعلا همهماتنا صحية، أما اليوم وما تهمهم به آلاتنا فما هو إلا السعي وراء الكوارث والعنف والتخريب، هم بالفعل آلات لأنهم أصبحوا جمادا من خلق أناس قاموا بتشكيل همهماتهم كما يرون وسلبوا منهم الحلم والأمل، فكيف نعيش مع همهمات آلة؟
مسك الختام: وتستمر الحياة رغم الشجن... فلا هي تقف على من اشترى.. ولا هي تقف على من باع بلا ثمن..
Nermin-alhoti@hotmail.com