في إحدى الأمسيات التي تجمعني مع أصدقائي المقربين كان هذا اللقاء المميز في منزل صديقتي وما كان يميز «يمعتنا» الحميمية في الحديث وأثناء حوارنا قام أخو صديقتنا بالدخول علينا للسلام وعندما وصل إلي قال: شخبارج دكتورة؟ فقمت بالإجابة عليه: طول ما أنتم بخير إحنا بخير. وإذا به يستأذن من أخته بالجلوس وعند جلوسه قام بتوجيه الحديث إلي: دكتورة نبي تكتبين لنا مقالة. فأجبته: ما طلبت شي، آمر عن شنو تبيني أكتب؟ فإذا به يثير نقاطا مهمة تجمعها نقطة واحدة وهي «التوافق الاحتماعي».
قد يأخذ البعض ذلك المصطلح كما أعرب في القواميس، وقد يفسره البعض وفق النظريات الفلسفية ولكن ما كان يقصده أخو صديقتي غير ذلك، فقد بدأ حديثه لنا بأننا أصبحنا مجتمعا نحتاج إلى أن نتعلم فزعة القبائل لبعضها ونحتاج في نفس الوقت الى التدرج في الصفوف فإذا توافر في مجتمعنا هذان العنصران فسوف نجد أن مجتمعنا أصبح مجتمعا متحضرا ومتقدما، وهنا قمت بالطلب منه التوضيح لقضيته أكثر لأن ما يثيره من جمل يعد بالفعل خطة استراتيجية لتنمية مجتمعاتنا والنهوض بها.
وهنا قام بالإجابة من خلال ضرب مثال على التدرج وتوحيد الصفوف ومعرفة الأول ومن هو الثاني .. إلى آخره، وخير مثال على نقطتي هو المدرسة فهي تبدأ من الطالب إلى الناظر فلا يعقل أنني أعطي الطالب في يوم ما منصب الناظر، وهذا لاسباب معينة، أولها أن الطالب إلى الآن لم يحصل من العلم والعمل والخبرة التي تؤهله لأن يجلس على كرسي قيادة المدرسة، والسبب الآخر أنه يوجد الكثير ممن سبقوه منتظرين ذلك المنصب وهم أحق من الطالب، من هذا المثال نجد انه إذا تم تطبيقه على المجتمع ككل في جميع ميادينه نجد أن مجتمعنا أصبح يمتلك صفوفا متساوية ومتدرجة وأصبحنا مجتمعا يعلم كل منه مكانه وما هو مستقبله دون صراعات وتحايلات ليسبق الآخرين وينال من شيء ليس له، وصلت دكتورتنا المعلومة.
فقمت بإجابته: نعم وصلت، هذا بالنسبة إلى النقطة الأولى والأخرى شنو تقصد بالفزعة يا أخوي؟
الفزعة دكتورتنا ما أقصد بها أننا أصبحنا مجتمعات قائمة على الذاتية، بمعنى أوضح الكل أصبح يطبق مقولة واحدة «أنا ومن بعدي الطوفان» ولكن إذا تلاحظين ما يميز القبائل سواء في الكويت أو في المجتمعات العربية عندما يقع أحد منهم ويطلب المساعدة سواء في الضراء أو السراء جميعهم يلتفون حوله ويكون عصبة له يقوى بهم وهذا للاسف نفتقده نحن في مجتمعاتنا التي تطلق على أنفسها «المدنية» وأصبح الكل يعمل لذاته وفقد روح العصبة التي يستمد منها المجتمع القوة، فأصبحت مجتمعاتنا هزيلة وهذا نتج من التفكك فيما بينهم وبحث كل فرد منه عن مصلحته دون أن يفكر بأن يلتحم بالآخر ليجعل من مجتمعه عصبة يقوى به أفراده، والحين أترخصكم وأعذروني لو طولت عليكم، بس عرفت أنج أهني قلت أقول لج على هالموضوع وإن شاء الله يعجبج وتكتبينه.
مسك الختام: «لا غنى كالعقل، ولا فقر كالجهل، ولا ميراث كالأدب، ولا ظهيرة كالمشاورة».. من مقولات الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
Nermin-alhoti@hotmail.com