د. نرمين الحوطي

profile picture

Nermin-alhoti@hotmail.com

أصبحنا في حاجة لـ«الإبيقورية»


الإبيقورية هو مذهب فلسفي ينسب إلى إبيقور (340ق.م -270 ق.م) يتلخص ذلك الفكر في الأخلاق، ولكن ماذا تعني تلك الكلمة للفكر؟

إن الابيقورية ومن قام باتباعها نحو ستة قرون من تلاميذ إبيقور كانوا يقيمون نظريتهم وفق الطبيعة معتمدين في ذلك رجوع كل شيء في عالمهم إلى الذرات كانت تلك البداية واساس فكرهم وبعد هذا نجدهم ابتعدوا عن الطبيعة وأصبحت اهتماماتهم تنصب في الأخلاق التي تبلورت وفق فكرهم، وأصبحت حاسة تنبع من اللذة ولكن ليست اللذة الجسدية بل اللذة العقلية، وكيفية العقل هي أن يقوم بالتمتع بكل ما يراه ويتلذذ به، كما أن تلك المتعة لا تقتصر فقط على اللذة الوقتية بل لابد أن تقوم على المدى الطويل للإنسان، وإذا قمنا بقراءة ذلك الفكر نجد أن الابيقورية نادت بمبادئ نحن بحاجة إليها في ذلك العصر ومن أهمها « هدوء البال، وطمأنينة النفس، والاعتدال في المعيشة».

هذا هو المفهوم المبسط لفلسفة الابيقورية التي يجادل فيها الكثير من المفكرين إلى أن اندثرت، وأصبحت مفهوما فلسفيا للدراسة والاطلاع عليها وبرغم من اندثارها وعدم تسليط الضوء عليها نجد عندما نقوم بقراءتها وتفهم قوانينها وفلسفتها للطبيعة الإنسانية نجد أننا أصبحنا في حاجة اليها في ذلك الزمن والقيام بتطبيقها على واقعنا ومجتمعنا، ومن أهم ما تحتاجه البشرية في تلك الآونة هو هدوء البال الذي أصبح من الصعب أن يجده الإنسان في مجتمعه سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، فأصبح الإنسان المعاصر يتلقى لطبيعة تحمل من الدمار والموت ما لا يتحمله أي عصر من العصور التي قرأنا عنها، وإذا انتقلنا للنقطة الثانية من مبادئ الإبيقورية نجد أنها نادت بطمأنينة النفس البشرية، فكيف نجد الطمأنينة ونحن نواكب صراعات دموية وانفجارية على مدار 24 ساعة؟!

إذا نظرنا إلى المبدأين الذين ذكرناهما نجد أنهم مرتبطان ارتباطا وثيقا لا نقدر على أن نفرق بينهما، فالهدوء يصاحب الطمأنينة، ونحن في زمن كتب عليه التوتر في جميع الميادين التي تساهم في بناء المجتمع، ولكن مع التوتر التصاعدي لجميع الأصعدة نجد أن مجتمعاتنا أصبحت مبنية على التردد والخوف والقلق لتعطي لنا حصيلة فقدان الإنسان الطمأنينة، ومع ذلك الشعور باليأس والتردد والترقب نجد أن الإنسان يصبح نهما في شراء الأشياء التي تكون نوعا ما غير ضرورية وتلك نتيجة فرضية لما يشعر به الإنسان، ومع ذلك الإسراف في الشراء نجد أنه يضاد ما نادت به الإبيقورية وهو الاعتدال في المعيشة الذي يصعب تطبيقه في مجتمعات تحمل كما هائلا من الصراعات والتوتر الداخلي والخارجي، وبين هذا وذاك نجد أن الوقت أصبح ملزما بأن نصبح مجتمعات ابيقورية.

مسك الختام: كم تشتكي وتقول إنك معدم والأرض ملكك والسما والأنجم ولك الحقول وزهرها وأريجها ونسيمها والبلبل المترنم

إيليا أبوماضي    

 Nermin-alhoti@hotmail.com

التعليق

x

إقرأ أيضا