د. نرمين الحوطي

profile picture

Nermin-alhoti@hotmail.com

القلق

القلق حالة نفسية أصبحت تسيطر على الكثير من بني البشر، وقد نجزم بأنها لم تعد حالة بل أصبحت صفة تلازم الأغلبية من مجتمعاتنا، وقبل أن نستعرض الصفة لابد أن نتعرض لحالة القلق التي تأتى من تركيب نفسي وفسيولوجي وتنتج من عناصر إدراكية وجسدية وسلوكية لتخلق لنا شعورا غير مرغوب به يتضح لنا في عدم الارتياح أو الخوف أو التردد، ولكن لماذا يشعر الإنسان بالقلق؟

يعتبر القلق رد فعل طبيعيا للضغوط التي تواجه الإنسان، ومن هنا ينتهي حديثنا عن الحالة وتبدأ مرحلة الصفة التي أصبح القلق سمة لكثير من المجتمعات والأسباب كثيرة وجميعها تنصب في بؤرة واحدة وهي الضغط أو الضغوط، فأصبحت المجتمعات يسودها الكثير من الضغوط سواء على الصعيد العملي أو العلمي، اصبح الإنسان يعيش على مدار اليوم في دائرة محتواها ضغوط وتراكمات قهرية تجعل من سماته سمة القلق، ويصبح من خلال تلك الدائرة إنسانا مترددا لا يمتلك القرار والسبب خوفه وقلقه الدائم من الغد واليوم وينتهي به الأمر بأن ماضيه أصبح شبحا للقلق.

إذا بدأنا منذ المرحلة الأولى للإنسان وهي الطفولة نجد القلق سمة مشتركة ما بين الطفل ووالديه، فنجدهم يحملون على عاتقهم صفة القلق التي تأتي من المدرسة وصعوبة المناهج والقلق من رسوب الطفل، وعلى الصعيد الآخر نجد القلق يحوم على الوالدين خوفا من أن يقوم أحد بالتحرش بفلذة كبدهم أو يدهس وهو يعبر الطريق، كثير من الأسباب والضغوط تجعل القلق يمكث في محيط الأسرة وبين أفرادها إلى أن تأتي مرحلة الشباب ويصبح القلق هما وليس صفة فتتوسع دائرة الضغوط وتصبح المشكلات أكثر تعقيدا، فتارة يأتي القلق من المخدرات، وتارة أخرى يصبح الضغط من الشذوذ الجنسي، وكم من تارة تتشابك في أذهان رب الأسرة وكم من الضغوط ترسخ في تفكير الأم وتصبح الحصيلة قلقا مزمنا على أبنائهم، بجانب هذا نجد أن الأبناء أيضا في هذه المرحلة عليهم ضغوط نفسية تأتي من ضياع المستقبل وعدم الوضوح الاستراتيجي لهم، بل نجد أن أغلبيتهم لا يمتلكون حلم المستقبل فيستبدلون أمنياتهم بالتوتر النفسي الذي يجعل من القلق حالة مزمنة عندهم، وتنتهي الدائرة مع نضوج الشباب ويصبح كل منهم لديه شهادة جامعية ولكنه لا يمتلك عملا فيأخذ القلق مسارا معاكسا في نفسية الإنسان فتنتهي من مرحلة المراهقة لتبدأ بخط قلقي جديد مما تحمله من ضغوط جديدة تبدأ من حيث بدأنا، فدائرتنا لها بداية وليست لها نهاية ذلك هو القلق.

مسك الختام: القلق يعطي للشيء الصغير ظلا كبيرا.. تلك هي الحياة.

Nermin-alhoti@hotmail.com

 

التعليق

x

إقرأ أيضا