المدينة الفاضلة كانت أحد أحلام الفيلسوف «أفلاطون»، وكان لا يحلم بها فقط بل يسعى إلى تواجدها، وقد دأب أفلاطون من خلال مدرسته على أن يحقق أمنيته ويغرس في تلاميذه مبادئ هذه المدينة التي تحتوي على التكامل في جميع الميادين ويقوم على حكمها الفلاسفة، ذلك هو الحلم وتلك هي الأمنية ولكن إلى يومنا هذا نقرأ عن المدينة الفاضلة ولم نشاهدها، وهذا لا يعني أننا لا نمتلك الفلاسفة بل ما لا نملكه هو الحب.
كلماتنا ليست مبهمة ولكنها تبحر في بحور المعاني لتعطي القارئ الحرية في اختيار المعنى، فعندما نادى أفلاطون بحلمه لتأسيس المدينة الفاضلة ووضع أسس حلمه في نظرياته قد يكون البعض قرأها من أجل الاطلاع، وقد يكون البعض الآخر قام بدراستها، ومن هذا وذاك نجد حصيلتنا أن أغلبية المجتمعات على مر العصور اطلع على ما كان يحلم به أفلاطون، وعلى الرغم من هذا فإنه لم يحقق الحلم، والسبب في ذلك ليس عدم وجود الفلاسفة كما قلنا في بادئ مقالتنا، بل السبب هو ندرة «الحب».
علاقة الحب لا تقتصر على الشخوص وتبادل المشاعر بين طرفين فقط، بل الحب هو شعور متبادل يشمل الأشخاص والأشياء سواء كانت جمادا أو كائنات حية، فالحب علاقة وثيقة يقوم بها الإنسان مع المحيط الذي يقوم بتكوينه لحياته، فإذا قام بعلاقة وثيقة تكون اساسها الحب للأشياء التي يتعامل معها على مدار يومه فستكون حصيلتنا مجتمعا تسود فيه عاطفة الحب، لأن الفرد جزء لا يتجزأ من المجتمع.
قضيتنا هي أن أغلبية مجتمعاتنا تفتقد فلسفة الحب، فالحب له كيمياء خاصة به، والكثير منا يفتقدها، فعلى سبيل المثال لا الحصر عندما نشاهد البعض كيف يتعامل مع المخلوقات سواء من بني البشر أو الكائنات الحية وغير الحية نجده يتعامل معهم على أنهم أدوات سخرت له ليحقق من خلالها أمنياته وأحلامه دون أن يحبها، فقط ما يطمح اليه هو أن يصل من خلالهم لما يريد، وتكون الحصيلة بمدن فردية لا مجتمعية، فكيف نبني المدينة الفاضلة وأغلبية من يمكثون فيها لا يمتلكون فلسفة الحب؟!
٭ مسك الختام: الدنيا ممر وليست مستقرا، ومادمت تنوي الحب للغير، فقد كُتبت لك محبة الجميع.
Nermin-alhoti@hotmail.com