د. نرمين الحوطي

profile picture

Nermin-alhoti@hotmail.com

أوتار شادي.. بعزف أنس


 

بدأت الأوتار تعزف وتحلق ألحانها في فضاء سمائي بديع، كانت تلك الأنغام التي تدق في القلوب قبل سماع صوت أوتارها في الأذن تنبع من أنامل شبابية، بدأت الحكاية مع تناول العشاء مع أصدقائي في أحد المطاعم بالهواء الطلق، ومع نسيم الصيف الجميل في تلك الليلة ومع الصحبة الجميلة اكتملت الأجواء الحميمية بوجود العازفين «شادي وأنس» الذي تفاجأنا بوجودهما لأول مرة في المطعم، وبالفعل كانت مفاجأة جميلة، لأن ما سمعناه من عزف جعلنا ننسى العشاء والكلمات والحوارات وصار الصمت لغتنا للتركيز مع الألحان التي تعزف لنا، وأصبح كل منا يحلم في فضاء السماء مصاحبا معه تلك الأنغام التي كانت بمنزلة نجوم تتلألأ في سمائنا.

انتهى العزف واستيقظنا من أحلامنا وأمنياتنا، واستأذنت من العازفين بأن أتحاور معهما، وبالفعل رحبا بالجلوس معنا وأخذت أسألهما عن دراستهما فوجدت أنها لا تمت بصلة للعزف على الجيتار، والمفاجأة كانت أن عزفهما أتى من الهواية والممارسة دون أي دراسة موسيقية لتلك الآلة، وهنا تملكني الشغف بأن أسألهما عن كل شيء في حياتهما فوجدتهما يعملان في تخصص دراستهما التي تنصب في مجال الهندسة والأعمال الإدارية، ورغم انشغالهما في عملهما إلا أنهما لم يتوقفا عن هوايتهما، بل أبدعا فيها أيضا، وما أدهشني أنهما شابان في مقتبل العمر مثل شباب آخرين لكنهما تميزا بأنهما لم يستسلما للفراغ ولم ينجرفا وراء سلوكيات سلبية، بل استفادا من وقت فراغهما في تنمية هوايتهما التي من الممكن في المستقبل ان تكون احترافا وليست هواية.

نعم، فما سمعته من عزف في تلك الأمسية ليس لأناس مبتدئين، إنما لأناس يتقنون معنى النغمة ويمتلكون من الحس الفني والإبداعي الذي يجعلهم عازفين محترفين في آلتهم، وما ميز عزفهما عما سمعته من قبل ذلك التبادل العزفي بينهما، فكان يوجد صراع موسيقي، ولكن ليس مضادا بل متوافقا، ما أعطى لنا موسيقى متزنة عذبة المسمع دقيقة في الأداء التناغمي، وكان العزف على الأوتار متبادلا فيما بينهما كما لو أنهما شخص واحد يعزف على آلة واحدة فلم تخدش مسامعنا ولم يحدث نشاز، بل كانت الأوتار جميعها تعزف على وتيرة متناسقة انسيابية في الأداء تلعب أنامل عازفيها بحرفية أكاديمي يتقن من الإبداع بأن يجعل لغة حوارنا ونظرات أعيننا هي الصمت والإبحار في أوتار شادي والتأمل في عزف أنس.

مسك الختام: صدق من قال «الموسيقى غذاء الروح».

 

Nermin-alhoti@hotmail.com

التعليق

x

إقرأ أيضا