أصبح الجو العام تسوده حالة من الملل غير المسبب، قد يكون هذا من الفساد الاداري، وقد ينبع من التلوث الغذائي، وقد نشعر به من القهر الدنيوي ومن هذا وذاك نجد أننا بني البشر أصبحنا نعيش في دائرة مغلقة محتواها ملل عقيم قاتل.
الكل يعلن نيته محاربة الفساد، وتؤكد الأغلبية سعيها إلى دفع عجلة التنمية، وما نراه على أرض الواقع ما هو إلا أكاذيب إعلامية وشعارات وهمية قامت برسم المستقبل بخيوط هشة لا تحتوي على مصداقية، فقد رسمت لتملأ الفراغ الإعلامي.
ملل يصيبك عندما تجلس مع أسرتك ولا تجد من الحوار ما تقيم النقاش عليه، تشعر بالغربة في عملك عندما تجد من هم أقل منك علما وخبرة عملية اعتلوك في المناصب، فشل ذريع عندما تطلب حقوقك ولا تجد من ينصفك في مجتمعك، أبواب قد تهيأ لك بأنها أبواب الأمل ولكن عندما تقوم بطرقها تجدها أبوابا مغلقة.
بالأمس البعيد كان الفرد يمتلك هدفا في حياته يطمح للوصول اليه ولكن السؤال: من أين أتى الهدف والطموح؟ في الماضي كان المجتمع يقوم على الفرد، بل كان الفرد يعمل من أجل الارتقاء بالمجتمع، كان الماضي لا يحتوي الكثير من مفردات التقدم والتكنولوجيا ورغم بساطة المعيشة إلا أن الفرد كان يعيش للمجتمع وكان المجتمع يقوي من محيطه لكي يوفر مطالب الفرد.
وفى الماضي كانت العملية الحسابية للمجتمع بسيطة الواحد للكل والجماعة للفرد، كانت الدائرة المحيطة بمجتمعاتنا من يقوم برسمها ويخيط خيوطها يعمل من أجل الكل وليس من أجل «الأنا»، أما اليوم فأصبح من يقوم بالتأسيس لا يفكر إلا بكلمة «الأنا» التي جعلت الكل يعمل من أجل فرد وليس المجتمع، هذا الفرق وتلك أسباب الملل، فبالأمس كانت الحصيلة جماعية يشعر بها الكل وتقسم على الجمع أما اليوم فحصيلتنا أحادية لا يشعر بها غير «الأنا» الذي جعل المجتمع في حالة ملل.
مسك الختام: من أقوال الإمام الشافعي
سأضرب في طول البلاد وعرضها
أنال مرادي أو أموت غريبا.
Nermin-alhoti@hotmail.com