في بداية مقالتي أستسمح جميع قرائي بأنني سأخصص كلماتي اليوم لإنسانة أفنت عمرها وشبابها من أجلي، مع نسمات فجر اليوم تمر ذكرى فراق الحبيبة والأخت والصديقة قبل أن تكون أمي، اليوم أجدد ذكراها العطرة وأطلب من الله أن تكون في أعلى درجات الجنة وأن تكون راضية عما أنا فيه بعد 15 عاما على فراقها.
هي كلمات أحببت أن أكتبها إلى أمي وفؤادي، أحببت أن تشاركوني تلك الكلمات والأشواق لها، اليوم وبعد مرور 15 عاما على فقدان صوتها الحنون وحضنها الدافئ الذي انحرمت من البكاء فيه وعليه.. أيام تلتها أعوام وإلى الآن أشعر بلمسات أناملها في يدي.
ذلك كان آخر اللقاء يا محبوبتي، تلك الأنامل التي اشتاقت لها خصلات شعري لتداعبيها، كما كنت تفعلين في السابق، في كل صباح أتذكر عندما أذهب إلى العمل، أقف على باب البيت أسمع صدى صوتك وهو يقول لي «قلبي وربي راضيين عليك».
كم افتقدت لتلك الجملة التي كانت بالنسبة لي حرزا يحميني طوال اليوم.. 15 عاما وأنا أترقب في مخيلتي دخولك ليلا إلى غرفتي لتطمئني علي، ولكن لا يبقى لي غير الخيال، أتذكر به ما كنت تقومين به وأنا نائمة، أتخيل دفئك لأغرق في النوم.
15 عاما على فراقها وأنا أنظر في أروقة عملي لآراها، في قاعات التدريس وهي تبتسم للطلبة وكيف كانت تناديني باسمي في ممرات المعهد، آه على تلك الأيام التي كان يملؤها دفء والدتي، هذا هو الدرج الذي كنت تصعدينه للذهاب إلى المحاضرة، وأنت في أصعب حالاتك الصحية، أتذكر أنه رغم تعبك كنت أحمل لك أنبوب الأكسجين لكي تقدرين على أداء عملك وتحاضرين لطلبتك، كل هذا لم تمحه الأعوام ولا الأيام.
15 عاما فقدت الساحة الثقافية والصحافية أحد أعمدتها هي الدكتورة فوزية مكاوي، تلك هي أمي التي أعطتني ثقافتها وعلمها وقوتها، قد يكون الكثيرون قد شاركوني في حب تلك المرأة، ورغم ذلك بقيت إلى لحظة الوداع أنا الحبيبة الأولى، تمر الثواني وتتسارع الدقائق وتحمل بينها الكثير من المناسبات التي تزيد الشوق وتذكرني بالفراق، كم أنا مشتاقة لثوب العيد الجديد، وكم من صلوات العيد أصبحت أصليها بمفردي، وكم من أيام شهر رمضان تمر وأنا أقيم صلاة القيام بدونك، وكم وكم من مناسبات وأيام تزيديني شوقا إليك ورغم ذلك الشوق لم تفارقيني منذ 15 عاما على رحيلك.
* مسك الختام: قال أبو العلاء المعري:
والأم أولى بإكرام وإحسان... وحسبها الحمل والإرضاع تدمنه
Nermin-alhoti@hotmail.com