عندما يسافر الإنسان للبلدان الأخرى يتحرر من جميع الأفكار المقيدة في أذهانه وتنظر العين بعين المتعة للوطن المزار إليه، ولكن عندما تمتع العين بما تشاهده من ابداعات تقوم بالتخزين في اللاوعي إلى أن تصل إلى موطنها ويتحول اللاوعي إلى وعي ملموس من خلال أسئلة تضيء في ذهن الإنسان تبحث عن أجوبة لها.
تلك كانت مقدمتنا لما تخزن في اللاوعي في أذهاننا عندما نتردد على البلدان ونخص «الدول الخليجية بما فيها الكويت» ونشاهد ونتمتع بالمباني الثقافية التي شيدت من أجل الثقافة النظرية فقط
نعم تلك هي الحقيقة التي تعيشها الثقافة الخليجية مبان شاهقة على أسس فنية جميلة ولكن الحصيلة الثقافية لشعوبنا للأسف إذ أجزمنا «لا شيء»، أصبحت ثقافتنا مجرد نظريات وقوانين ومناقصات من أجل «البهرجة» أما الشق العملي ونعني بها ثقافة المجتمع فنجد أغلبية المجتمع تجهلها.
ومن هنا تبدأ قضيتنا الأزلية وهي تثقيف شعوبنا بحضارات الشعوب الأخرى ولنضرب مثلا لقضيتنا للتأكيد على جهل أغلبية مجتمعاتنا بالثقافات الآخرين، عندما كنت في إحدى الدول الخليجية وكنت أقف على أحد مسارحها بانتظار بدء المسرحية التي سأحضرها في هذا المساء وإذا بي أرى أناسا يتجهون لباب آخر بجانب المسرح الذي أقف عليه ولكن ما يميز ذلك الجمهور بأنهم أشكالهم ليست خليجية فسألت رجال الأمن عن هذا الصرح العملاق الذي بجانب المسرح فأجاب بأنه «دار الأوبرا»، وهنا ضحكت لزميلتي التي بجانبي وقلت « للأسف نبني لهم ثقافتهم ولا نستفيد منها». تلك هي مشاريعنا الثقافية التي نسمع من خلال الجرائد بافتتاحها ومن الممكن أن نمر على تلك الصروح ونجهل هويتها ويبقى السؤال: من هو الجمهور المستفيد لها؟ للأسف عندما نقوم بتشييد تلك الصروح الثقافية سواء كانت أوبرا أو ما شابهها من فنون أخرى أو عندما نسمع عن تشكيل أوركسترا وأغلبية مجتمعنا لا تعرف غير «الطنبورة» هذا ليس نقصا بالفرد بل بسياسة المجتمع.
فعندما توضع الخطة (هذا إذا في خطة بالأساس) لابد أن يبنى على الأساس وهو «المجتمع والفرد» بمعنى لابد لمن يضع خطة المشاريع الثقافية من السؤال في اللاوعي قبل تشييد تلك الصروح: ما مدى استفادة الفرد من هذا الصرح؟ هل الفرد له ثقافة ذلك الصرح؟ كيف نثقف الفرد لتواجد هذا الصرح؟
٭ مسك الختام: الثقافة غذاء الروح فأين سياستنا من روح مجتمعنا؟
Nermin-alhoti@hotmail.com