«تلك هي قضيتنا اليوم»، في الماضي عندما أطلقها كاتبنا شكسبير من خلال إحدى شخصيات مسرحياته، كانت تلك الجملة تبحث عن الوجود الإنساني، واليوم تبدلت الكلمات لتصبح عبارتنا «يجوز.. ولا، ما يجوز» وأصبح ناطقوها ليسوا شخصيات مسرحية مرسومة من كاتب محدد يريد طرح قضية معنية للجمهور، بل أصبحت أغلبية الجمهور يقومون باستخدامها فقط من أجل «الفتاوى الدينية».
قبل الخوض في محاور حبكة قضيتنا لابد أن نستعرض لكم أحداث مسرحيتنا الهزلية التي تمت عندما كنت أؤدي مناسك الحج لهذا العام مع إحدى الحملات التي نضع عليها الكثير من علامات الاستفهام من أخطاء مرتكبة بها وبعيدا عن تلك الإشارات، وجب علينا أن نسلط الضوء على قضية محورية وهي «يجوز.. ولا ما يجوز».
تبدأ الأحداث من بداية رحلتنا عندما قام المنظمون عليها بوضع بعض الشخصيات النسائية لتكون مرجعا لنا عند السؤال في «فتاوى دينية»، وبالفعل في بداية المناسك كنت أجلس لأسمع دروسهن، فما وجدته من حديث يذكرني بأزمنة المعجزات ولم أسمع إلا القليل عن مناسك الحج التي كان من المفترض التركيز عليها والشرح بإسهاب فيها. وفي أحد الدروس وجدنا إحدى الداعيات تقوم بعد الدرس بالاقتراب من إحدى الشخصيات المهمة في المجتمع وتتميز تلك الشخصية بالشعر القصير للتحدث معها، وقامت الداعية بسرد قصة لها بأن نساء الجاهلية هن اللاتي كن يتصفن بقصر شعورهن مثل الرجال، وهنا اندهشت لما ترويه تلك الداعية، فالتاريخ لم يذكر هذا، بل ما قرأناه من شعر جاهلي نجد فيه أن المرأة قبل الإسلام كتب عنها الكثير عن طول وجمال الشعر.
وتمر الأحداث على تلك الوتيرة، القصص التي لا مرجع لها، إلا أن «فلانة حدثتني وفلانة أكدت لي»، وإذا سألنا عن شيء يتعلق بمناسكنا كانت الإجابة سطحية دون عمق ديني أو علمي، إلى أن أتت النهاية بعد طواف الوداع، وعندما كنت أدخل إلى السكن ومعي بعض الأكياس، فإذا بإحداهن تسألني: هل اشتريت قبل طواف الوداع أم بعده؟ فرددت عليها قائلة: وما الفرق؟ فأجابت: لا يجوز الشراء بعد طواف الوداع. وإذا بداعية أخرى تشارك قائلة: من قال ذلك، يجوز إذا لم يكن بقصد التجارة. وانطلق الصراع بينهما في «يجوز.. ولا ما يجوز».
انتهى حوار مسرحيتنا دون وجود نهاية لحبكتها وبقيت الاستفسارات المتضاربة مستمرة في الصراع، وبقي الجمهور بأسئلته المعلقة تنتظر أجوبة عمن يفتي وهو ليس أساسا من أهل الفتوى وتنتظر معرفة مرجعية مثل هؤلاء المدعين وتندهش من أن تقوم امرأة بالدعوة للإسلام ولا يكون لديها إلا «يجوز.. ولا ما يجوز».
مسك الختام: قال امرؤ القيس:
غدائره مستشزرات إلى العلا
تضل العقاص في مثنى ومرسل
Nermin-alhoti@hotmail.com