د.نرمين يوسف الحوطي
هناك شخصية نلتقي بها في كل مكان وفي كل زمان مع التجديد والتطوير عبر الأزمنة في الشكل وليس المضمون، «محجوب أفندي»، قد أراه في مهنتي وقد نشاهده في مهن أخرى، ومن هذا وذاك ما نستنتجه بأن تلك الصورة مع تطور الزمن وتقدمه لم تختف أو تندثر بل بالعكس في ذلك الوقت أصبحت صفة للأغلبية سواء في العمل أو في المجتمع ككل.
«محجوب عبدالدايم» تلك الشخصية التي تطمح الى الكرسي وتتنازل عن أي شيء بهدف الوصول إليه، ورغم التنازلات إلا أنه لا يصل لشيء.
أي مجتمع لديه بعض الشخصيات الفاشلة التي لا تمتلك الرأي وليست لديها قضية هادفة تسعى إلى تحقيقها، الغريبة أن مثل هذه النوعية في مجتمعنا نجد منهم من يجلسون على كراسي ويمتلكون قرار الآخرين، بالأمس كان من السهل معرفتهم لأنهم ينتمون لطبقة المعدومين فكريا وثقافيا، أما اليوم فمن الصعب تفرقتهم لأنهم أصبحوا من جميع فئات المجتمع وتلك هي المصيبة.
بالأمس عندما قام أستاذ الرواية العربية نجيب محفوظ بكتابة ورسم شخصية «محجوب عبدالدايم» في روايته كان يرمز لفئة معينة في ذلك الوقت، وهي الفئة المنعدمة التي تحابي السلطة للوصول للكراسي، واليوم ومع تطور المجتمعات وتغير الأزمنة والأنظمة، ورغم أن أديبنا كان يرسم ويتعمق في إرهاصات تلك الشخصية من أجل تسليط الضوء والكشف عن سلبياتها على المجتمع لمحاربة تلك الأنماط الشاذة عن المجتمع إلا أننا نجد أن «محجوب عبدالدايم» أصبح سمة العصر.
«محجوب عبدالدايم» تلك الشخصية التي كانت بالأمس شخصية ثانوية سلبية تعمل بشتى طرق الفساد من أجل الوصول إلى المسؤولين والاستفادة من نفوذهم، ورغم أن تلك الشخصيات الثانوية لا تحرك الحدث إلا أن متقمصيها قاموا بتطوير أنفسهم وزرع صفاتهم في أغلبية مجتمعاتنا إلى أن أصبحوا اليوم يصلون إلى دور البطل التراجيدي للحدث في هذا العصر.
٭ مسك الخير: «ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع».
Nermin-alhoti@hotmail.com