د. نرمين الحوطي

profile picture

Nermin-alhoti@hotmail.com

النظارة السوداء

أثناء ترتيبي لمكتبتي وقع نظري على رواية «النظارة السوداء» للكاتب إحسان عبد القدوس وبالرغم من أنني قرأتها أكثر من مرة إلا أنني قمت بتناولها من فوق الأرفف لقراءتها مرة جديدة، وأثناء قراءتي للرواية تذكرت من قام بنقدها وجعل منها صورة للرذيلة والانحلال برغم ما تحتويه طيات الرواية من مبادئ وأخلاق وقيم يقوم المؤلف من خلال بعض شخصياته بحث القراء على القيام والاقتداء بها، فهي رواية تنادي بنزع الغشاوة عن العقل والبصر والقلب.

تلك كانت فكرة الرواية التي انتقدها أغلبية النقاد والمجتمع وقتما نشرت بالرفض لما احتوته من تجسيد بعض السلوك الانحلالي المرتذل في إحدى شخصياته الرئيسية ورغم وجود تلك الشخصية إلا أن الرواية كانت تحتوي على القوة المضادة لها وتقوم بالصراع معها لنزع الغشاوة عنها من خلال تحطيم «النظارة السوداء» التي كانت رمزا للفساد والرذيلة، وبعيدا عن تفاصيل الرواية والتعمق في شخوصها نقف أمام الرمز الذي جعلني أستعشر بأن أغلبية مجتمعنا أصبح يرتديها ليقدر أن يسعى من خلالها للفساد لأن ارتداءها لا يرى غير الظلام ولا يستشعر بنور الحق، فكم من الشخوص في مجتمعاتنا يرتدونها عندما يقدمون على الظلم أو السرقة أو الكذب أو غيرها من صور الانحلال، ذلك الرمز الذي أصبح الكثير يرتديه ليقدر من خلاله على المرور دون أن يخشى العقاب أو التعرف على شخصه.

«النظارة السوداء» من قام بانتقادها ورفضها في ذلك الوقت أعتقد أنه إذا قام بقراءتها الآن سيكون نقده بالرفض أيضا، ولكن ليس بسبب وجود بعض صور الانحلال والرذيلة، إنما سيكون الرفض بوجود الحق والإصلاح والدفاع عنه من خلال إحدى شخصيات الرواية، تلك هي المفارقة التي لم تلتمسها الأقلام وهي «الجدل» الذي يتغير مع تغيير الأنماط والسلوك البشري من خلال الوصول عن طريق «النظارة السوداء».

٭ مسك الختام: ليس التقدم بتحسين ما كان.. بل بالسير نحو ما سيكون. «جبران»



Nermin-alhoti@hotmail.com

التعليق

x

إقرأ أيضا