«إن أقوى رجل في العالم هو من يقاتل وحيدا»، من تلك العبارة تبدأ نقطة الصراع في مجتمعنا وتكون نهاية الحبكة المسرحية في «عدو الشعب» التي قام بتأليفها أبو المسرح الحديث «هنريك ابسن» عام 1882، تلك المسرحية لم تكن فقط نقطة تحول في المجتمع بل كانت بصمة في المسرح ونقطة تحول للكاتب في كتاباته للمسرح الواقعي من حيث الأسلوب والبناء.
«عدو الشعب» قضية طبيب يكتشف خللا في نظام تنقية الماء في إحدى البحيرات العلاجية التي تدر دخلا سياحيا، مما يجعلها ملوثة بالجراثيم وتعرض حياة أهل البلدة للخطر، وأمام تلك الكارثة يقرر الطبيب عقد مؤتمر صحافي يكشف خلاله نتائج أبحاثه أمام الصحافة وأهالي المنطقة، معتقدا أن الصحافة الحرة معه، لكن «تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن»، فبعد الاجتماع يكتشف الطبيب تحالف السلطة مع الإعلام ومع رأس المال الفاسد بحيث يقود هذا التحالف الجماهير للهتاف ضد الطبيب وإطلاق تسمية «عدو الشعب» عليه ويصبح بالنسبة لمجتمعه عضوا فاسدا يمثل خطرا على أهالي المنطقة، وتكون مكافأته من أهالي البلدة مضايقات له ولأسرته وأصدقائه وتنتهي المسرحية بفشل البطل وهزيمة قضيته مرددا كلماته الأخيرة: «إن أقوى رجل في العالم هو من يقاتل وحيدا». ومن هنا تنتهي «عدو الشعب» على خشبة المسرح وبداية «لأعداء الشعوب» في واقعنا، فكم من «عدو الشعب» يكشف لنا عن حقائق وبتحالف قوى الفساد تنتهي قضيته وتصبح نهايته كبطل مسرحيتنا!
ان اختيارنا لتيمة «عدو الشعب» أتى وفق طرح قضية مهمة في حياة الشعوب وهي «تلوث المياه»، فكم من «عدو الشعب» قام بتسليط الضوء على تلك القضية! ولكن أتت القوى الفاسدة وأطفأت نور الحقيقة للمجتمع، وأصبح الظلام يسود مجتمعاتنا بأمراض ناتجة من تلوث المياه والسبب أن «عدو الشعب» رجل يقاتل بمفرده في مجتمعنا.
مسك الختام: لكنني أؤكد باقتناع كامل أن الحقيقة آتية والمسيرة لن تتوقف..أميل زولا.
Nermin-alhoti@hotmail.com