بقلم: د. نرمين يوسف الحوطي
شخصيتان منفصلتان ولكن تنصب قضيتهما في نقطة واحدة وهي «القراءة»، قبل تناول القضية وجب علينا أن نسرد لكم قصة كل منهما على حدة بمختصر مفيد لنصل معكم إلى محور قضيتنا.
«علي» شخصية سياسية في أحد اللقاءات الرسمية تقابلنا وأثناء حوارنا سألني عن «وليم شكسبير» ومصداقية وجوده من عدمه؟ وتناولنا أطراف الحديث وأثناء الحوار سأل عن تاريخ ميلاده ووفاته فقمت بإجابته: أعتقد بأن ميلاده 1620م. وإذا به يقول: عفوا معلوماتك خاطئة فميلاده 1564م ووفاته 1616. وهنا تنتهي قصة «علي».
أما قصة «عالية» فتعد محور تصاعد الحدث في قضيتنا والوصول لنقطة الذروة عندما قامت «عالية» بسؤالي أثناء تواجدي في منزلها عن أحداث مسرحية فاوست للكاتب «جوته» فقمت بإجابتها بأنني لم أقرأ المسرحية ولكن قرأت ملخصها وما كتب عنها، فسألتها عما تريده من أحداث المسرحية، فإذا بها تتطرق لشخصية لم يقم أي مثقف أو باحث بتسليط الضوء عليها وهي «شخصية المرأة» وبعيدا عن الحوار الذي دار بيننا لكي نتوصل لأسباب ومسببات تكوين لكتابة تلك الشخصية ودورها وبعد محاولات عديدة من الاتصالات بكثير من زملائي في العمل ومن أهل الثقافة للسؤال عن تلك الشخصية في مسرحية فاوست للأسف كانت الإجابة: لا أذكرها. ومن هنا تبدأ قضيتنا وهي «القراءة» المتواصلة التي أصبحنا للأسف نفتقدها في زمن أصبح يمتلأ بالمشاحنات والصراعات من أجل الكراسي والمناصب أما الثقافة والقراءة وغذاء الفكر والعقل فقدت في زمن الكراسي.
قضيتنا اليوم أبطالها أناس يمتلكون من العلم درجات عليا في مجال عملهم أما في عالم الفكر والثقافة والفنون هم أناس قارئون متميزون له وللأسف عندما قاموا بمشورة ومساءلة أهل الثقافة وهم القوة المضادة في قضيتنا وجدوا أنفسهم أنهم فاقوهم في المعلومات، وهنا تكمن قضيتنا وهي البحث الثقافي والفكري أين هو من أهله؟
ليس معيبا أن يعترف الإنسان بأنه مقصر في القراءة للارتقاء بعلمه، إنما المعيب أن نصمم على أننا نفوق الآخرين بعلمنا ومن هنا نكون وصلنا إلى ذروة الحدث التي تصل بنا إلى النهاية التي لابد أن نعترف بأن الأغلبية ليس فقط في مجال الثقافة والفكر عندما يصلوا لأعلى الدرجات العلمية يظن بأنهم امتلكوا العلم بأجمعه وهذا خطأ لأن ما توصلوا إليه ما هو إلا بداية في طريق العلم.
كلمة وما تنرد: من أقوال الإمام على رضي الله عنه: «العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، والعلم حاكم والمال محكوم عليه، والمال تنقصه النفقة والعلم يزكو بالإنفاق».
nermin-alhoti@hotmail.com