د. نرمين الحوطي

profile picture

Nermin-alhoti@hotmail.com

أين أنت يا غاندي؟!

بقلم: د. نرمين الحوطي

أصبحت الأغلبية تنادي بالحقوق المدنية، وكثير من الأقلام تنادي بحروفها للحقوق الإنسانية، أما الوطن فقليل من يتذكره ويتذكر حقوقه من قبل المواطن، بعيدا عن الحقوق المطلوبة من المواطن تجاه الوطن، فالمسألة حسابية وبسيطة جدا، لكن للأسف الشديد أصبح البعض يبحث فقط عن الحقوق المدنية، كما لو أن الاستعمار أتى من جديد.

إذا قمنا بالبحث والتدقيق حول الأبواق المطالبة بحقوق الإنسان، نجد أن أغلبيتها تبحث عن مصالح شخصية، المشكلة ليست في هؤلاء الأغلبية، ولكن القضية تكمن فيمن يقومون بالسمع لهم وترديد شعاراتهم دون إدراك وتفهم لقوانين الانسان والحقوق المدنية.

ذلك هو واقعنا ومحيطنا الداخلي والخارجي، أيضا الأغلبية أصبحوا يستذبحون ليلا ونهارا، إلى أن أصبح الكثيرون يشعرون بالإحباط والقمع والقهر الإنساني وتقمص الكثيرون دور النشطاء ضد القهر والقمع دون أن يدركوا أسباب القمع والظلم أو معنى كلماتهم التي تتردد في أي وقت دون مبررات لها، والبعض أصبح يشبه الببغاء، ذلك الطير الذي يردد ما يسمعه دون أن يدركه، ومع تكرار وعدم الفهم والإدراك أصبنا بمرض القهر والظلم من خلال الإيهام، تلك هي السياسة جديدة المتبعة لمن يريد الوصول لزعامة غاندي.

قضيتنا اليوم ضوؤها مشتت بين جموع غفيرة، كل منهم يرتدي شخصية غاندي، ولكن أين أنتم منه؟ فالحقوق المدنية ليست فقط المطالبة بحقوقكم، فقبل حقوق المواطن لابد أن تطالب بحق الوطن، ذلك هو غاندي، انتمى لوطنه ليقدر على أن ينال حقوق المواطن، أما أنتم أيها الأبواق فلا تحملون غير شعارات تحتوي هوس القهر وإيحاءات الظلم إلى أن جعلتم الأغلبية لا تفرق في حديثها ولا تنجز عملها، فقط أصبحوا ينبحون وراءكم، مثال على ما أقوله انه إذا قمنا بالتدقيق في مجتمعاتنا فسنجد تلك الصورة تتكرر على مدار اليوم للأغلبية، بالأمس تعطل جهاز المدفئة في المنزل «طبعا مو في الكويت» قمت بالاتصال على الشركة لتقوم بإرسال موظف مختص لإصلاحه، وبالفعل حضر مهندس ليكشف على الجهاز ولم أتحدث معه والتزمت الصمت وهو يعمل، وصمتي هذا سبب له مشكلة، وجعله يشعر بالقهر والظلم، وفجأة وجدته يترك عمله ويطالبني بالمحاورة معه، وأنه ليس عبدا وأن الحقوق المدنية تتطلب أن أتحدث معه، فقمت بابتسامة بسيطة جدا «ويا ليتني ما ابتسمت، الله لا يوريكم!»، أصبحت رمزا من رموز القمع والاستهزاء للبشرية وعدوة للإنسانية وعنصرية وأنا لم أجب بأي كلمة لأنني بالفعل أشفقت عليه وعلى أمثاله الذين أصبحوا ينبحون بشعارات لا يعرفون معناها، وهنا استوقفته عن الكلام، وقلت له: أين أنت يا غاندي؟

▪ كلمة وما تنرد: «توجد سبعة أشياء تدمر الإنسان: السياسة بلا مبادئ، المتعة بلا ضمير، الثروة بلا عمل، المعرفة بلا قيم، التجارة بلا أخلاق، العلم بلا إنسانية، العبادة بلا تضحية» (من أقوال غاندي).

Nermin-alhoti@hotmail.com

 

التعليق

x

إقرأ أيضا