بقلم: د.نرمين الحوطي
«الليلة الأخيرة في الأمومة» عندما تقرأ العنوان تعتقد أنك ستقوم بقراءة قصة امرأة فقدت أولادها في حادث ما، أو أنك سترى صورة من جحود الأبناء وقصورهم تجاه والدتهم، ولكن ما قرأته بين طيات الرواية صورة جديدة في الإبداع وتيمة مبتكرة لم يقم الكثيرون بتسليط الضوء عليها من حيث النماذج البشرية، فكثيرون قاموا بتناول شخصية العانس أو المطلقة أو الأرملة وعلى الرغم من هذا لم نجد من قام بتناول تلك النماذج الانسانية بعمق نفسي. اليوم روايتنا تتناول قصة امرأة تفقد رحمها وينقطع الأمل بينها وبين الأمومة.
«الليلة الأخيرة مع الأمومة» تطرقت لمحاكاة جديدة في الحوار وإقامة الصراع بين المرأة والرحم ذلك العضو البشري الذي ينمو في أحشائه الطفل الذي لم تره «منال»، تلك هي بطلة الرواية التي قامت المؤلفة بتفصيل جسمي ونفسي ومادي بحرفة مؤلف يجعل القارئ يشعر بأنه يتعايش معها كما لو أنه يجلس بقربها ويسمع لها على أرض الواقع.
تبدأ الرواية بتواجد «منال» راقدة فى إحدى غرف المستشفيات تحاكي من؟ لا نعلم، ففي الوهلة الأولى تظن أنها تحاكي ذاتها ولكن بعد فترة قصيرة نجد أن الحوار هو ديالوج ولكن من هو المحاور الآخر؟ هو «الرحم» وهنا يكمن الإبداع الفني للكتابة بأن يجعل جزءا من جسد الإنسان محاورا للإنسان ذاته، حوار قائم يحمل الكثير من الصراعات الإنسانية ويكشف لنا أبعاد الشخصية سواء على الصعيد النفسي أو الشخصي والمادي أيضا، فمن المحاورة نكتشف أن بطلتنا سوف تقوم بإجراء عملية استئصال الرحم في الصباح الباكر لإصابتها بورم ولابد من انتزاعه من جسدها لأنه أصبح يسبب لها خطورة على حياتها، فنجدها تقوم بمحاكاة رحمها كما لو أنها تحاكي طفلا كانت تحلم به وتنتظره وكيف تحملت كما من أعباء الحياة وكيف صبرت على أن تلقى شريك حياتها لتنبت تلك البذرة أمامها وتقوم بتربيتها، وكيف كانت ستقوم على تربيته ويكبر أمام أعينها إلى أن تحمل أحفادها، ينتهي الحوار بدخول الممرضة بسؤالها: مع من تتحدثين؟ فتجيبها: مع الأمل ولكنه رحل.
بالفعل كانت سطورا قليلة وحوارا يحمل الرتم السريع الذي لم يتجاوز 24 ساعة ليوضح لنا صورة انسانية تنتمي لمجتمعنا ولكن للأسف الكثير من الكتاب لم يقوموا بالأخذ بتلك النماذج ودراستها والكتابة لها بالعمق الانساني بل لم نجد معالجة درامية للتعامل مع تلك الأنماط في مجتمعنا. ومن هنا تبدأ البداية بنهاية الرواية «رحيل الأمل»، كم من امرأة انتزعت عنها صفة الأمومة، وكم من سيدة رحل عنها الأمل ويبقى السؤال: كيف يتعامل المجتمع مع تلك النماذج؟ للأسف إذا بحثنا في مجتمعنا فسنجد أن التعامل سلبي، لذلك كانت هي الليلة الأخيرة مع الأمومة للمرأة.
كلمة وما تنرد:
أترى تضيء لنا الشموع ومن.. ضياها.. نحترق
أخشى على الأمل الصغير أن.. يموت.. ويختنق
نزار قباني
nermin-alhoti@hotmail.com