في هذه الآونة أجد أن شخصية «طرطوف» تتكاثر في المجتمع العربي والمحلي مع الاختلاف في الشكل والمضمون، فما كتب عنها بالأمس يختلف عنه اليوم، ولكن جميعها ينصب في قضية واحدة وهي «النفاق»، وهذا محور أساسي لمسرحية «طرطوف» التي قام بتأليفها كاتب الشعب «موليير» حيث تناول قضية مهمة في مسرحيته وهي تعرية بعض النقائص الإنسانية وعيوبها، ومن أهمها النفاق الذي قام بطرحه من خلال مسرحيته «طرطوف».
وعندما كتب «موليير» مسرحيته لم يحاك قضايا وقتية بل كان يكتب عن قضايا ممتدة لا ينزعها التاريخ من صفحاته لأنه كان يكتب للشعب ومن الشعب، فالنفاق صفة بشرية لم تتواجد فقط في زمن «موليير» بل هي صفة تتواجد في بني البشر وتختلف نسبتها من إنسان إلى آخر، وهنا تكمن حرفية الكاتب عندما يجعل أدبه ومسرحه مادة حية على مدى الأزمنة، فنجد «موليير» رائد الكوميديا عندما قام بتناول «النفاق» في مسرحيته جعله الخط الدرامي الأساسي الذي يحرك الأحداث الدرامية الأخرى من خلال اختياره لشخصية «طرطوف» المخادع والذي يتستر بعباءة الدين ويتظاهر بالتقوى والفضيلة وهو بداخله النفاق على المجتمع وعلى ذاته ولكن يقوم بذلك لكي يصل إلى المركزية والسلطة.
واليوم أصبح النفاق صفة يمتلكها الكثير من مجتمعنا ولكن أصبحت الصور مختلفة وكثيرة والسبب هو الوصول للمركزية والسلطة، فأصبحنا نشاهد ونسمع عن الكثير ممن يسلك سلوك «طرطوف» مع اختلاف الشكل لهم ولكن يبقى المضمون واحداً وهو النفاق والطرطفة.
كلمة وما تنرد: قال موليير «نحن لسنا مسؤولين عما نفعل فقط وإنما عما لم نفعل أيضا».
nermin-alhoti@hotmail.com