«العبث» هو حركة أدبية وفنية ومسرحية أيضا نتجت من ظروف سياسية وعالمية كبرى حيث ظهرت تلك الحركة مع نهائيات الحرب العالمية الأولى وما رصد من كتابات في تلك الحركة هو نتاج وإرهاصات أهوال تلك الحرب ونتاجها على العالم عامة وبني الإنسان خاصة، تلك الحركة الأدبية والمسرحية جعلت الكثير من الفلاسفة المحدثين يبحرون في التفكير في الثوابت، مما أدى إلى التغيير في الكتابة المسرحية من حيث الشكل والمضمون وكسر كل ما أتى من قواعد كلاسيكية ورفض كل القوانين الأدبية والفنية القديمة.
ذلك هو العبث، أما العبثيون فهم مجموعة من الأدباء الشباب الذين تأثروا بسلبيات الحروب العالمية فرأوا أن ما نجم عن تلك الحروب كان له صورة عكسية وسلبية على النفس البشرية مما أدى إلى أن تجعل الإنسان بعدها لا يمتلك الثقة في نفسه مع الاقتراب من العزلة، تلك كانت سطورا مبسطة عن العبث والعبثيين، ومع انتهاء الحروب والمناداة بالسلام أصبحت تلك الحركة غير متواجدة كثيرا في الأدب والمسرح، بل نجد القليل من أصبح يقوم بتناولها في فكره خاصة بعد استقرار العالم وانتهاء الحروب والمعاهدات بالسلام، ولكن اليوم نجد أن العبث والعبثيين وجدوا لهم مسلكا جديدا ليظهروا من خلاله وهو السياسة؟
نعم فما نشاهده ونسمعه على الساحة السياسية سواء المحلية أو الدولية ما هو إلا العبث، ومن يقومون بتحريك ذلك العبث ما هم إلا أناس عبثيون، في الماضي نتجت الحركة العبثية من نتاج أهوال الحروب العالمية وبرغم من هذا إلا أننا نجد عندما أراد الإنسان أن يظهر مشاعره بما ألم بسائر البشر لم يجد إلا أن يقوم بكسر كل القيود الأرسطية ويعطي لنا حركة فنية جديدة تشكو مشاعر الإنسان وهي العبث ولم يقتصر فقط على تلك المدرسة بل ظهرت مدارس وحركات فنية كثيرة في تلك الآونة ولكن جميعها كانت نتاج أهوال الحروب تجسد من خلال الفن مآسي الإنسان، واليوم نجد العبث بالسياسة، ولكن السؤال هنا: تلك الحركة السياسية الجديدة ناتجة عن ماذا؟ بل ما نتعجب منه أكثر هم أولئك العبثيون عندما يعبثون، ماذا جسدوا لنا؟ ومن شرائحهم الذين يحاكون عبثهم؟
كلمة وما تنرد: قال يوجين يونسكو «من المؤكد أن هناك مذاهب وأيديولوجيات ومعتقدات تتخذ منها ذرائع، أن مفاهيم الوطن والدين والأرض والاقتصاد وصراع الطبقات ليست سوى الذرائع، الأقنعة التي تبرر جرائمنا».
nermin-alhoti@hotmail.com