تنزيلات، كلمة تعني في اللغة العربية تخفيضات وتطلق على المواد الاستهلاكية للفرد ذلك ما كنا نعرفه في السابق عن «تنزيلات»، ولكن اليوم أصبحت تلك العملية لا تقتصر فقط على المواد الاستهلاكية للفرد بل نجدها غزت «الفكر».
إن الفكر هو كل ما يبدعه الإنسان من أفكار لا يمتلكها سائر البشر، فالمبدع عملة نادرة نجدها تكثر في عالم الفن والثقافة وهذا ما نقصده اليوم في مقالنا، بالأمس عندما كنت أجد بعض الأفراد المدعين بأنهم مثقفون يقومون بعمل معارض تباع بها الكتب بنصف الثمن كنت استغرب من تلك الفكرة وكنت أتساءل: هل أصبحت الكلمات المبدعة التي تغذي الفكر وروح الإنسان تستغل من أجل الكسب المادي من خلال كلمة «تنزيلات»؟! هل أصبح المتسلقون باسم المثقفين يعدون الأفكار سلعا استهلاكية لمجتمعنا؟ كنت أظن بالأمس أن ما أشاهده من تدهور للأفكار خاص في نطاق مجتمعنا، ولكن اليوم عندما كنت أتردد على بعض البيوت الفنية في إحدى الدول الأجنبية وإذا بي أجد لوحات فنية وضعت بها أفكار مبدعيها ولكن وضع في أعلاها خنجر في صورة ورقة بيضاء قامت بتمزيق العين قبل العقل كتب عليها «خصم 50%»، وهنا سألت: هل أصبحت الأفكار يهدر بها لتخلص من الفكرة.
في السابق كنا ندهش عندما تقام المزادات على تلك الأفكار وتباع بأثمان باهظة بل كان يصل بيعها إلى حلقة صراع بين طرفين لمن يربح بالاقتناء بتلك الفكرة من خلال المزادات واليوم انتهى ذلك العصر وأصبحت الأفكار مثلها كمثل الملابس والأدوات الكهربائية وغيرها من المواد الاستهلاكية للفرد.
ان الفكر عندما يصبح سلعة يفقد قيمة الإبداع وتكثر الأفكار فمن الممكن أن تكون أفكاراً هدامة لبني البشر ولكن عندما نقوم بالحفاظ على الإبداع ويحتفظ برونقه وتميزه عن سائر الأشياء نجد أننا ارتقينا بالفكر والفن، ذلك هو الفكر الذي لا نقدر أن نضعه في خانة السلع الفردية لأن الإبداع لا يباع ولكن يثمن.
كلمة وما تنرد: من أشعار حافظ إبراهيم:
إلى معشر الكتاب والجمع حافل
بسطت رجائي بعد بسط شكاتي
فإما حياة تبعث الميت في البلى
وتنبت في تلك الرموس رفاتي
وإما ممات لا قيامة بعده
ممات لعمري لم يقس بممات
nermin-alhoti@hotmail.com