يعرف الكثير من أهل الثقافة والفنون «البوهيمية» بأنها حركة فنية بدأت ظهورها في فرنسا في منتصف القرن التاسع عشر وأسقطت على المهاجرين الغجر الذين جاءوا من رومانيا عن طريق منطقة بوهيميا والتي تعرف الآن بجمهورية التشيك وازدهرت تلك الحركة الفنية عندما نشر «الباريسي هنري» مجموعته القصصية «مشاهدة من الحياة البوهيمية» ومنها أصبحت البوهيمية مدرسة فنية لها مؤسسوها وقراؤها بل لم تقتصر البوهيمية فقط على فن القصة بل تشعبت في الكثير من علم الفنون سواء كانت في الموسيقى والفنون التشكيلية وغيرها، ولكن يبقى السؤال: البوهيمية قبل وبعد الغجر؟
ذلك هو السؤال الذي لم أجد الكثير قد قام بالبحث عنه وتتبع تلك الحركة من قبل ومن بعد، فالبوهيمية هي ليست حركة فنية بدأت في القرن التاسع عشر بل هي حركة دينية أتت من الأساطير وعندما نطلق مصطلح الأسطورة إذن نحن نتحدث عما قبل التاريخ، البوهيمية هي مصطلح نبع من رمز البومة التي ترمز للأخوية البوهيمية بالمرأة «ليلث»، وكانت هناك شعائر وطقوس تقام لها وفق معتقداتهم، وأصبحت تلك الفئة متواجدة في بعض الشعوب الأقلية إلى أن أتى القرن التاسع عشر كما ذكرنا في السابق وانتشرت من خلال الحركة الفنية والثقافية في العالم وأصبح لها روادها ودارسوها.
فالبوهيمية لاقت استحسانا فنيا وثقافيا في تلك الفترة للظروف السياسية التي كانت تخضع لها المنطقة في تلك الفترة فكان الفرد ينجذب إليها لأنها تحاكي من خلال الفنون معاناته، فبدأت بالاستحسان الفني في تلك الفترة واستمرت إلى يومنا هذا لتلقى الاستحسان الفكري والسبب يرجع إلى: أولا: لأنها تحاكي «فئة الفقر».
ثانيا: تقوم على مبدأ التفكير الحر المطلق بلا قيود وإضافة أسلوب الخاص للشخص المؤمن بها دون رادع له، لذلك نجد البوهيميين أناسا لا يمتثلون في سلوكهم وأعمالهم إلى أعراف المجتمع والتقاليد، من ذلك التعريف وتلك القراءات وجدت أننا بالفعل مازلنا نعيش في زمن «البوهيمية» ليس فقط في مجتمعنا بل إن العالم بأسره أصبح عالما «بوهيميا»، حيث أصبحت أفعال الشخوص تبنى من غير أصول ولا أعراف، فقط ينادون فئة معينة من أجل الشهرة والكسب المادي وتلك الخاصية أيضا من قواعد البوهيمية، فالفكرة بدأت بثقافة ولم تنته فكريا ولكن يبقى السؤال هنا: بالماضي نعلم من هم البوهيميون ولكن اليوم من هم البوهيمون المتعايشون معنا؟ وما هو رمزهم؟ وما هي عقيدتهم؟ وما هي أسطورتهم؟
٭ كلمة وما تنرد: يقول المتنورون: «عندما تبحثون عن النظام العالمي الجديد ستلاحظون مرارا وتكرارا كلمة «الأخوية» وهم من يشدون الخيوط ولديهم ولاء عظيم لكل ما هو شرير».
atach_hoti@hotmail.com