على ضفاف النيل من أرض الكنانة والنسمات المبهجة البعيدة كل البعد من نفحات الثورة كان اللقاء مع أصدقائي الذين لم ألتق معهم منذ الثورة، وبدأ الحوار في سكون متناغم مع ليالي رمضان الفاطمية التي يعشقها كل عربي بأن يقضي بعضها في أحضان القاهرة، كان اللقاء يتميز بتنويعاته السياسية بجميع الطبقات، فكانت الصحبة خليطا من الدبلوماسيين وبعض من الفلول وأخيرا أبناء الثورة، والجميل أن الكل كان يتحدث برقي في قضايا الآخرين، وبعد الحديث عن الواقع العربي قمت بطرح قضية على المتواجدين وهي «أكاديمية زويل» ومنها بدأ الحوار وبدأت تتوارد جملة من جميع الحضور «من يستطيع ان يقول هذا»؟
القضية ليست فيمن يستطيع أن يقول، ولكن القضية هي من يستطيع أن يفعل، وهنا تكمن قضيتنا، حواراتنا كانت تشمل قضايا كثيرة وجميعها تنصب في قضية واحدة وهي «الانسان العربي»، نعم فعندما يقوم عالمنا الجليل مع احترامنا لحلمه الأكاديمي للقيام بثورة في البحث العلمي وهو لا يمتلك الدواء والسكن لمن يريد منهم البحث العلمي، وهنا أقف متسائلة كما تساءلت لأصدقائي: أليس الوقت متأخرا لهذا الحدث والصرح الأكاديمي؟ أليس من المفترض أن أقوم بالتبرع لمن لا يجد الدواء والغذاء قبل العلم؟ وهنا قامت شخصية ديبلوماسية وطرحت فكرة قديمة كان يحملها الرئيس السابق لجمهورية مصر العربية وهي أن جميع القضايا العلمية والثقافية التي تخص الدول العربية لا بد أن تكون تحت مظلة الجامعة العربية، وهنا أجبت بأن هذا هو التفكير الصحيح، وإذا بأحد أبناء الثورة يؤيد الفكرة وإذ بصديقة من الفلول كذلك تساءلت: من منكم يقدر أن يصرح بهذه الفكرة؟ بل من منكم يقدر أن ينسبها للرئيس السابق؟
تلك هي قضية مجتمعنا العربي، الرفض التام لكل من سبقوهم ظنا منهم بأن ذلك سوف يجعلهم بين المجتمع الجديد وكأنهم تابعون للعهد القديم مع العلم أنه قد يكون من سبق أخطأ ولكن توجد بعض الانجازات السليمة التي نقدر أن نكملها بعدهم، ولكن تلك هي عقدة المجتمع العربي وهي عدم تتبع الخطا الصحيحة وتصحيح السلبيات التي تمت في عهد من سبق، فإذا دققنا نجد أن الكثير ممن جلسوا على الكرسي وأصبح في أياديهم زمام الأمور لا بد أن يقوموا بهدم ما سبق.
والنتيجة: لا شيء، ونصبح ونمسي ونحن نعيش في دائرة من الهدم والبناء دون تتتبع وانجاز لما نريده والسبب هو أنه لا أحد يستطيع ان يقول هذا؟
كلمة وما تنرد: عن الإمام علي رضي الله عنه قال: «لو كان الفقر رجلا لقتلته».
Atach_hoti@hotmail.com