في تلك الآونة أصبح ذلك السؤال يتردد على ألسنة الكثير منا وهو: الى أين نحن ذاهبون؟
نعم، فقد أصبحت سفينتنا تشرّق تارة وتغرّب تارة أخرى الى أن ضلت الطريق وأصبحت تبحر دون أن تعلم أين سترسو؟
تلك أصبحت حياة الكثير من الشعوب العربية التي ضلت الطريق ولا تعلم في أي اتجاه تبحر؟ ولا تعلم الى متى ستبحر؟ فاقدة المسار ضالة الطريق لا يوجد لها هدف ولا مرسى ترسو عليه، والسبب هو كثرة القائمين بدور القبطان عليها والذين تسلموا زمام الأمور الذي أصبح في أيادي كثيرين وليس في قبضة يد واحدة، فاختلفت الآراء وتعددت المراسي الى أن أصبحت السفينة في منتصف البحر تحملها الامواج غربا وتضربها شرقا ونخاف أن يأتي اليوم الذي تغرق فيه دون أن تعرف مكان مرساها.
تلك السطور أكتبها اليوم بعدما عشت بعض الساعات في تلك السفينة وشاهدت وسمعت بعض آراء أحد قباطنتها وما سمعته جعلني أشعر بأنني أغرق في بئر من الجهل لا يوجد بها بصيص من النور، بالأمس كنت أخشى أن يكون لي أي احتكاك مع تلك التيارات المتزعمة باسم الحرية، ولكن أتت المصادفة بأن أواجه أحد أقطابها في أحد الاجتماعات، فكانت فرصة لأسمع آراءهم وأفكارهم، وكيف ينظرون الى المستقبل؟ وما وجدته كان عبارة عن أقنعة تخفي وجوها مزيفة وأفواها تنطق بأحاديث كاذبة، ولكن للأسف تجد من يسمعها ويقتنع بها وهذا ليس لمصداقية أحاديثهم، بل لعدم معرفة ممن يسمعهم وهنا تكمن المشكلة.
بالأمس كنت في أحد الاجتماعات الحكومية وكان أحد الحضور فردا من الذين يتزعمون الاصلاح ويطالبون بحقوق الإنسان وكان أحد محاور الاجتماع عن تعليم المرأة، ودار النقاش بأسلوب يتصف بالرقي وتم طرح العديد من الافكار الهادفة الى أن أتى دور الناطق بحرية الانسان والمطالب بالتغيير وإذا به ينطق جهلا! نعم، فهو كان يجزم بأن المرأة الكويتية لا تنال من التعليم الجامعي، وذلك لعدم توافر الفرص لها، فتقبل بأن يكون تعليمها متوسطا ويقترح عمل ندوات للمناداة بتلك الحقوق! وهنا اعترض عليه الجميع، وذلك لدرايتهم بأن المرأة الكويتية حصلت على أعلى الدرجات العلمية، وهذا لا يقتصر على فئة معينة، بل على شريحة كبيرة من نساء الكويت، وهنا صمتت تلك الشخصية لأنه وجد أن من يحاكيهم أناس يطالبون بالحجة والدلائل وليس فقط ممن يعتمدون على الأحاديث وإذا به يغير الحديث عن تجاربه مع الدول الأجنبية، وبرغم ما قاله، إلا أنه لم يجد الاستحسان من الحضور، ورغم ما سمعته من حديث وأجوبة أرضتني من الحضور عمن يدعي الإصلاح، إلا أنه كان هناك سؤال في خاطري لم أقدر على طرحه على تلك الشخصية: الى أين تريدون أن تسير سفينتنا؟
نعم تلك التيارات بما تحمله من أحاديث مكذوبة وكلمات لا تمت لمجتمعنا بصلة فقط تتحدث بأشياء غريبة لكي تجعل جمهورها يشعر بالاضطهاد والحرمان، نعم تلك هي أساليبهم في الإقناع، أنا لا أجزم بأنه لا يوجد خلل في بعض الأنظمة، ولكن ذلك لا يعني أننا نعيش في زمن الاستبداد، ولكن للأسف الشديد ان بعض تلك التيارات أصبحت مسيطرة على فئة كبيرة من المجتمع لأنهم يستغلون نقطة واحدة وهي المقارنة سواء أكان ذلك بالدول أم بالشخوص، وللأسف تلك المقارنة أصبحت الآن قاعدة عند الكثيرين والبعض أصبحت آماله أن يقود السفينة، ولكن الى أين؟ لا نعلم!
كلمة وما تنرد: واعلموا أن ما تعتبره المجتمعات الأخرى من قبيل المسائل المعتادة نجد من يتطوع بكل أسف الى تضخيمها وتحويلها الى أزمات ينهمك الجميع في فصول تداعياتها منشغلين عما يهم الوطن والمواطنين.
من كلمات سيدي حضرة صاحب السمو الأمير
الشيخ صباح الأحمد الصباح ـ حفظه الله ورعاه
Atach-hoti@hotmail.com