نظرية القرود
في الآونة الأخيرة أصبحنا نسمع عن بعض القرارات أو التصريحات سواء كانت على الصعيد الداخلي أو الخارجي قد لا يقبلها العقل إذا فكر في سطورها وتعمق في فحوى كلماتها ورغم الرفض العقلي لها إلا أننا نجد البعض يقوم بتنفيذها وترديدها دون السؤال: لماذا؟
ومن ذلك الخضوع التام للبعض لما ترفضه عقولهم، جعلني اليوم أتذكر كلما شاهدت هؤلاء البعض وهم يقومون بأعمال لا يقبلون منطقها وتردد أفواههم لشعارات لا يفقهون معناها، بحث علمي قمت بقراءته من خلال مجلة علمية تحت عنوان «نظرية القرود» تتلخص تلك النظرية من خلال تجربة قام بها مجموعة من الباحثين من خلال وضع خمسة قرود في قفص واحد، وفي منتصف القفص وضعوا سلما وفي أعلاه قاموا بوضع بعض من الموز، في كل مرة يقوم أحد القرود لأخذ الموز يقوم أحد العلماء برش الماء البارد عليهم، بعد فترة وجيزة أصبح كل قرد ينوي الصعود لأخذ الموز يقوم أصدقاؤه بمنعه وضربه خشية من رش العلماء الماء البارد عليه، بعد فترة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم لأخذ الموز رغم كل الإغراءات خوفا من الضرب، وهنا وبعد تلك النتيجة قرر الباحثون تبديل أحد القرود الخمسة بقرد جديد ليشاهدوا ماذا يحدث؟
مع صعود القرد الجديد على السلم لينال الموز قامت القرود الأخرى بضربه وإجباره على النزول، وبعد عدة مرات من الضرب فهم القرد الجديد أنه يجب عليه عدم صعود السلم من دون معرفة السبب حيث انه لم يعش معها التجربة من أولها وبالرغم من هذا انصاع للأوامر ولم يصعد، ومن ثم قام الباحثون بالتبديل لأحد القرود القدامى بقرد جديد وحل به ما حل بالقرد البديل الأول بل المدهش أن القرد البديل الأول شارك زملاءه القردة بالضرب والمنع وهو لا يدري لماذا يضرب؟
وهكذا ومع مرور الوقت تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة واحدا تلو الآخر، ورغم أن الباحثين لم يقوموا برش الماء البارد عليها فان المجموعة التي في القفص ظلت تضرب وتمنع أي قرد يريد الصعود إلى السلم ويأخذ الموز دون أن يعرفوا أسباب ذلك المنع؟
وهنا تنتهي نظرية «القرود» وتبدأ قضيتنا فبالأمس عندما كنا صغارا وكنا نضرب ونمنع ونسمع ونطيع الكثير من أوامر الوالدين والانصياع لهما دون تفكير، ورغم تلك الطاعة إلا أنها كانت لها مسببات وهي التربية والمحافظة علينا لحين بلوغنا سن الرشد وأصبحنا نمتلك النضوج العقلي والفكري وهنا يكمن سؤالنا وقضيتنا: بالأمس كانت المسببات متواجدة للطاعة والتنفيذ واليوم أصبحنا عقلاء فلماذا ينصاع الإنسان وراء أمور دون التفكير فيها، ولماذا يقوم البعض بتطبيق «نظرية القرود»؟
كلمة وما تنرد: «قال لقمان لابنه: يا بني اعلم أن غاية السؤدد والشرف في الدنيا والآخرة حسن العقل وأن العبد إذا حسن عقله غطى ذلك عيوبه وأصلح مساوئه».
atach_hoti@hotmail.com
إقرأ أيضا