«حريم السلطان»
«حريم السلطان» أحد المسلسلات التركية التي اكتسبت زخما عبر القنوات العربية والخليجية، بعيدا عن النقد الموضوعي لمحتوى ذلك المسلسل أو غيره من المسلسلات التركية التي أصبحت وجبات درامية دسمة للمشاهد العربي، فاليوم ستكون كلماتنا نابعة من خلال النقد السياسي الذي يندرج وفق مخطط تعزيز السياسة التركية على الدول العربية من خلال الإعلام، فمنذ مسلسل «مهند» والذي احتوى الكثير من المشاهدين العرب بل أصبح المنزل الذي تم التصوير به مزارا للسائحين العرب كانت اضاءة سياسية تعلن عن الغزو التركي للدول العربية من خلال الإعلام.
«السياسة والإعلام» عملة واحدة للدول المتحضرة وهذا ما قامت به تركيا، غزت الدول العربية بإعلامها من خلال الدراما التلفزيونية وللأسف الشديد بسبب فقر الكثير من المجتمعات العربية لعلم الإعلام وإستراتيجية توظيفه نجد أن عزوف المجتمع العربي عن بعض المسلسلات العربية كان لعدم احتواء موادها الدرامية على ما يسمى بـ «الجذب الدرامي» للمشاهد لها، أدى ذلك العزوف إلى اتجاه المشاهد العربي بنسبة كبيرة إلى مشاهدة المسلسلات التركية، مما أدى بعد ذلك الى أن الكثير من الأسر العربية والخليجية خاصة أصبحت واجهتهم للسفر هي تركيا وهنا نجد أن تركيا من خلال الإعلام أنعشت الاقتصاد في دولتها وعندما ينتعش الاقتصاد تنتعش السياسة.
هذا هو الإعلام عصا سحرية من يمتلكها تفتح له جميع الأبواب، ومن يعلم كلمة السر للإعلام ونقصد هنا معنى الإعلام تفتح له كنوز لجميع الميادين بل ويثريها، فهو سلاح ذو حدين، حد السلام من قامت به استراتيجيته على السلم والتوعية والدفع بالوطن، والحد الآخر الذي ينتشر في أغلبية المجتمعات العربية وهو الإعلام المدمر من خلال برامجنا ومسلسلاتنا التي أصبحت مدمرة للوحدة الوطنية، بل وعزوف المشاهد عن مشاهدة ذلك الإعلام والاتجاه لإعلام لا تربطنا به أي صلة، فقط اللغة وتلك أيضا ليست الأساس لأنها مدبلجة ولكن ذلك ما يسمى «الذكاء الإعلامي».
منذ انهيار الدولة العثمانية والتي كانت منبعها الأراضي التركية لم تكن بعد ذلك لها صدى غير التاريخ ومراجعه ولكن لم يقبل مجتمعها ذلك الصمود وتلك الأطلال فأبت أن تنهي تاريخها مع تاريخ الدولة العثمانية فبدأت تنهض من جديد من نقطة الفصل «الدين عن السياسة» ولكن كيف توصل ذلك المفهوم الحضاري للشعوب الأخرى عن طريق الإعلام والمواد الدرامية التلفزيونية المقدمة فأخذت من قصص الحب والتاريخ مادة تجذب الجمهور العربي لها، لأنها قامت بدراسة إعلامية فوجدت أن ما يقدم لهم ما هو إلا مشاحنات سياسية واجتماعية فجعلت من مسلسلاتها مخدرا إعلاميا يتجه إليه المشاهد هروبا مما يشاهده عبر قنواته وما يصيبه من تشنج عصبي وأثناء المخدر تجذبه إلى حيث ما تريد، وهذا ما يسمى بالإستراتيجية الإعلامية من خلال الدراسة الإعلامية ومعرفة ما يحتاجه المشاهد من برامج وهذا ما ينقص الإعلام العربي.
كلمة وما تنرد: «جميل أن يموت الإنسان من أجل وطنه ولكن الأجمل أن يحيا من أجل هذا الوطن». (بومارشيه)
Atach _hoti@ hotmail.com
إقرأ أيضا