د. نرمين الحوطي

profile picture

Nermin-alhoti@hotmail.com

عمامة بو سليمان

دعيت لحضور أحد التجمعات التي تمتاز ببريق أهل الصفوة، وعند الدخول دعتني صديقتي للجلوس على طاولتهم التي كانت تمتاز بأهل الفكر والسياسة المحنكين، وبعد التعرف والسلام دار الحديث فيما بيننا عن الأوضاع الحالية سواء المحلية أو العربية، ووجدت أن الردود جميعها كانت متشابهة إلا شخصية واحدة، وهو «بو سليمان» الذي جعل جميع الجالسين على الطاولة ينصتون إلى قصة سردها، والجميل أنه سرد القصة ولم يبد رأيه.

وكان هذا الجميل في حواره أنه استعاد الماضي في الحاضر، فعندما سألته صديقتي عن الوضع الراهن كانت إجابته: ان ما نشاهده ونسمعه من أحداث عربية ومحلية يذكرني بأمير المؤمنين عبد الملك بن مروان عندما بلغه اضطراب أهل العراق قام بجمع أهل بيته ليناقشهم ويشاورهم معهم حول ما يحدث من غوغاء واضطرابات وليشاركوه الرأي في الاختيار لمن يبعثه لأهل الكوفة ليكون سيفا قاطعا وذهنا جامعا، وقلبا ذكيا، وأنف حمي ليخمد نيرانها ويردع غيلانها وينصف مظلومها.

وبالفعل استقر الرأي على الحجاج بن يوسف الثقفي، وبالفعل خرج الحجاج قاصدا الكوفة ولما وصل دخل صحن المسجد، وعليه عمامة حمراء متلثما وصعد المنبر ولم يكشف عن هويته ولم يتكلم إلى أن اجتمع أهل الكوفة جميعهم، فأخذ ينظر إليهم وينصت لهمساتهم إلى أن غص المسجد بالمتواجدين ثم خطبهم قائلا: اني لا أعرف قدر اجتماعكم فهل اجتمعتم؟ فقال رجل من القوم قد اجتمعنا أصلح الله الأمير، وهنا كشف الحجاج عن لثامه ونهض قائما فكانت أولى كلماته لهم: «والله إني لأرى رؤوسا قد أينعت وقد حان قطافها وإني لصاحبها».

ومع هذا السرد الجميل وجدنا بو سليمان يقول لن أسرد عليكم الخطبة بأكملها لأنكم من المؤكد تعرفونها ولكن سأختم حديثي لكم بعبارة ذكرها الحجاج في خطبته الشهيرة لأهل الكوفة وهي ما نحتاجها في وضعنا الراهن: «والله يا أهل العراق إن أمير المؤمنين نثر كنانته بين يديه، فعجم عيدانها فوجدني أمرها عودا وأصلبها مكسرا فرماكم بي»، فهل الزمن يعيد إلينا الحجاج بن يوسف الثقفي؟!

***

كلمة وما تنرد: أيتها الحرية كم من الجرائم ترتكب باسمك الآن! «رولان» .

atach_hoti@hotmail.com

التعليق

x

إقرأ أيضا