د. نرمين الحوطي

profile picture

Nermin-alhoti@hotmail.com

«التفكيكية» والتعليم

«التفكيكية» هي دراسة نقدية تقوم على تحليل البنية التحتية، وظهرت التفكيكية كمنهج نقدي معاصر ضمن المناهج النقدية التي قامت على معاداة الغيبيات (الميتافيزيقيا)، ولدت التفكيكية على يد الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا، ومن هذا المنطلق أصبح التعليم يطبق التفكيكية.

بالأمس القريب كنت أتحاور مع أحد العمداء السابقين لإحدى الكليات «الحكومية» عن الوضع الراهن للتعليم في الكويت وختم حديثه بجملة مخيفة، وهي أن ما يحدث «مخطط لتفكيك التعليم ووضع كل مؤسسة تعليمية على حدة، حتى يتم إلغاء وزارة التعليم»!

وهنا تذكرت على الفور ما ورد في كتاب «المرايا المحدبة» للمؤلف د. عبدالعزيز حمودة، رحمه الله، نقلا عن المؤلف ليتش عن معنى التفكيكية، حيث قال: «إنها صيغة لنظرية النص والتحليل، تخرب كل شيء في التقاليد تقريبا وتشكك في الأفكار الموروثة عن العلاقة واللغة والنص والسياق والمؤلف والقارئ ودور التاريخ وعملية التفسير وأشكال الكتابة النقدية وفي هذا المشروع فإن الواقع ينهار ليخرج شيء فظيع».. وهذا ما يحدث في تعليمنا الآن مع تغيير المصطلحات النقدية والأدبية لـ «ليتش» ووضع الكلمات الخاصة بالتعليم، سنجد أن تلك الكلمات مطابقة لواقع تعليمنا المرير، والسبب هو «التفكيك».

العميد السابق عندما صرح لي بأن تفكيك التعليم آت لا محالة، لم يقصد إفشاء أسرار أمنية بل هو حقيقة نعيشها ونحن نغفل عنها للأسف الشديد من خلال ما نسمع ونقرأ عنه من مشاكل جامعية وتطبيقية وخارجية واعتماد شهادات لا نعرف مصيرها إلى الآن، وكثير من المشاكل التي تواجه أولادنا في التعليم الجامعي أو الخارجي، والمضحك مما نسمعه ونقرأه على مدار اليوم أن اللجنة التعليمية محلك راوح!

وللتأكيد على ما ذهبت إليه، علينا حصر القرارات الوزارية الخاصة بالتعليم والتغييرات التي حدثت في النسب واللوائح والقوانين دون الرجوع إلى اللجنة التعليمية البرلمانية ودون حسبان لوجود ديوان الخدمة المدنية، ودون تفكير في ديوان المحاسبة وسنجد أن ما أقوله وما قاله (ليتش) هو الطريق إلى الخراب التعليمي عن طريق ما يسمى بالتطوير وهو للأسف التفكيك.. وما نخشى منه هو أن بعض المسؤولين وبعض النواب عند تفكيك التعليم سيستندون الى مواد الدستور، قد يسأل البعض كيف؟ وهو أن يقوم هؤلاء بالاستناد الى المادة 13من الدستور والتي تنص على أن «التعليم ركن أساسي لتقدم المجتمع، تكفله الدولة وترعاه»، فنجد أن الدستور لم يذكر خلالها المراحل التعليمية التي تتكفل بها الدولة كما يستطيعون أيضا أن يستندوا إلى المادة 40 من الدستور التي تنص على أن «التعليم حق للكويتيين، تكفله الدولة وفقا للقانون وفي حدود النظام العام والآداب، والتعليم إلزامي مجاني في مراحله الأولى وفقا للقانون، ويضع القانون الخطة اللازمة للقضاء على الأمية وتهتم الدولة خاصة بنمو الشباب البدني والخلقي والعقلي، وهنا نجد أن المادة السالفة الذكر تخص المراحل الأولى أي مراحل التربية وليس التعليم العالي الجامعي، وبهذا يستطيع هؤلاء أن يفككوا التعليم العالي الجامعي ويصبح في هذه الحالة تعليما جامعيا خاصا وهذا ما يريده البعض، والله من وراء القصد.

كلمة وما تنرد: إلى كل من يفكر في تفكيك التعليم أذكره بالمرسوم رقم 164/88 الخاص بشأن وزارة التعليم العالي.

atach_hoti@hotmail.com

التعليق

x

إقرأ أيضا