د. نرمين الحوطي

profile picture

Nermin-alhoti@hotmail.com

«الأقوى»

«الأقوى» مسرحية من فصل واحد قام بكتابتها الكاتب سترندبرج عام 1889، وتدور أحداثها حول امرأتين صديقتين تقابلتا في أحد المقاهي في ليلة عيد الميلاد، الأولى تدعى «ي» وهي غير متزوجة وعشيقة لزوج صديقتها «س» التي تجسد المرأة الثانية في المسرحية، ويدور الصراع بين هاتين الشخصيتين حول نقطة واحدة وهي «من الأقوى»، وذلك من خلال الحوار القائم المنفرد التي تقوم به «س» لتكشف لصديقتها بأنها تعلم عن علاقتها مع زوجها ولكن عن طريق «حرب الأعصاب» لشخصية «ي» وتنتهي المسرحية بعد أن تكشف «س» لصديقتها «ي» بأنها تعلم بخيانتها لها، ورغم هذا بقيت مع زوجها حيث إنها أم لأولاد عشيقها وما هي إلا فتاة عابرة في حياته قد يجعله الزمن ينساها وستظل هي الباقية في حياته مع أولادها، وبهذا يكون الكاتب سترندبرج قدم لنا مسرحية من فصل واحد ذات حادثة فردية تدور أحداثها بين شخصيتين تتلاقيان في منظر واحد ويقدمها من خلال كتابة نثرية راقية، ومنه نجد أن الكاتب سترندبرج قام بالتزام بما يعرف بقوانين المسرحية ذات الفصل الواحد، والسؤال هنا ما الرابط بين مسرحية الأقوى وما نعيشه هذه الأيام؟

«الأقوى» نموذج مشابه لما نعيشه مع اختلاف الكاتب والشخصيات والأحداث والأسباب، ولكن يبقى المحور الأساسي وهو «حرب الأعصاب» لمعرفة «الأقوى» في هذه الفترة؟ فعند قراءة المسرحية والتعمق في حواراتها وإيماءتها نجد خيطا دراميا يربط بين ما كتبه سترندبرج وما نعيشه رغم تباعد الفترة الزمنية بين ذلك العصر والوقت الحالي، ولكن تبقى القضية واحدة وهي البحث عن القوة.

ففي مسرحية سترندبرج كان الخلاف يحوم حول «الرجل» ولكن في مسرحيتنا المعاصرة اليوم يقوم الخلاف على السلطة والجاه والسيطرة، وقد التزم سترندبرج بقواعد الفصل الواحد منها تحديد الشخصيات وعدم الكثرة منها ولكن كاتبنا المجهول لم يلتزم بشخصياته فأصبحت مسرحيتنا التي نحيا بها تكثر فيها الشخصيات سواء كانت ثانوية أو أساسية بل بالعكس أصبحت الثانوية للأسف الشديد لها دور محرك في الصراع الدرامي اليومي، كما نجد أن أحداث مسرحية «الأقوى» دارت في مكان واحد فقط، أما أحداثنا المعاصرة فهي تختلف على مدار 24 ساعة، فتارة نجدها في مجلس الأمة، وأخرى في أروقة مدينتنا، وتارة نجدها في رياضتنا وكذلك في أحوالنا المعيشية، وهكذا إلى أن أصبحنا نجهل الزمان والمكان. وكما ذكرنا فإن سترندبرج كتب مسرحيته بلغة نثرية راقية أما مسرحيتنا المعاصرة فللأسف لا نعلم بأي لغة كتبت، فرغم رفض سترندبرج للمذهب الطبيعي للقواعد الكلاسيكية إلا أنه كان يبدأ بنقطة بداية ثم يتصاعد للتأزيم إلى أن ينتهي بنا إلى نقطة النهاية، أما مسرحيتنا المعاصرة فلا توجد لها بداية ولا نهاية فقط على الدوام الحالة متأزمة ومزرية.

كلمة وما تنرد:

يقول المتنبي

عش عزيزا أو مت وأنت كريم

                                بين طعن القنا وخفق البنود

ملحوظة:

تم تغيير الايميل الخاص بي ليكون على النحو المبين:

atach_hoti@hotmail.com

التعليق

x

إقرأ أيضا