هناك صراع يخوضه الإنسان بين رغباته واحتياجاته، وقد يسأل البعض هل يوجد فرق بين الرغبة والحاجة؟ وقد يسأل البعض الآخر لماذا يتصارع البعض لنيل رغباتهم مع العلم أن احتياجاتهم متوافرة لديهم، فلماذا الصراع من أجل المزيد من بني البشر؟
يندفع الإنسان تجاه ما يعتقد أنه ملائم ونافع له، سواء كان النفع ماديا أو معنويا تلك هي الرغبة. أما عندما يندفع الحيوان للحصول على ما يكفل بقاءه من طعام وشراب فهذا نطلق عليه الحاجة، فالرغبة من خصائص الإنسان لأنها وليدة الإرادة أما الحاجة فهي من خصائص الحيوان لأنه لا ارادة له. ومظهر الرغبة في الإنسان هو الخلق ومن هنا كانت رغباته مقياس نفسه وميزانا لأخلاقه لأن وراءها أغراضا أخرى كثيرا ما تكون أسمى منها، فالإنسان البدائي والمتحضر كل منهما يشعر بألم الجوع ويسعى للشبع، وإذا أحس بحرارة الظمأ سعى إلى الماء، ولكن البدائي والمتحضر يختلفان في طريقة سعيهما إلى الشبع والارتواء، فالبدائي يريد من الطعام والماء أن يسد جوعه ويروي ظمأه ليعيش ويقوي جسده، أما الإنسان المتمدن فيريد من الشبع والارتواء أن يحفظ حياته ويغذي عقله ويعد جسمه للقيام بمطالب نفسه ومعاونتها على مقاومة المخاطر، وهكذا شأن الجاهل والعالم وضعيف وقوي الهمة.
رغبات الإنسان إذن وثيقة الصلة بأخلاقه لأنها وثيقة الصلة بنفسه وعقله وشعوره ولاشك أن الرغبات تختلف باختلاف أصحابها من حيث ميولهم واستعدادهم وصحتهم ومرضهم وسعادتهم وبؤسهم، وفي كل إنسان رغبات شتى بل في نفس كل إنسان مجموعات من الرغبات كل مجموعة مؤلفة من وحدات وبين كل مجموعة والأخرى صلات وثيقة وهذه المجموعات تتآزر وتتعاون ما دامت النفس البشرية في حالتها الطبيعية، فإذا ما حدث حادث فجائي كالشعور بالظلم أو بالخطر، ودعا داعي الشرف والجهاد اضطربت المجموعات واختلط بعضها ببعض، وأصبحت الرغبة البارزة أو الخلق المميز هو الاستعداد لدرء الخطر أو الإسراع إلى تلبية الجهاد. وإذا كانت الرغبات مختلفة حق لنا أن نعرف الشخصية بأنها مظهر الاتحاد بين الرغبات والخلق الثابت، وأن نذهب إلى أن لكل شخصية ممتازة مظهرا يدل عليها باعتبار السمة البارزة في صاحبها، بمعني أوضح تصبح كل شخصية تتصف بسمة خاصة لها بين المجتمع، على سبيل المثال عندما نقول على شخصية ما إنها تميل إلى السلام أو هذه الشخصية تتصف بالكرم وذلك الشخص يتسم بالعنف وذاك جانح إلى البخل وهذا يأخذ نفسه بالعدل وذاك يستريح إلى الظلم.. وهذا وذاك وغير من تلك الصفات البشرية كثيرة إلا شخصية وصفة البطولة، فعندما نصف إنسانا بالبطولة فإنها تنحصر ببطولته فالبطولة محور شخصيته وصفته الغالبة المميزة له ورغبة تلك الشخصية بأن يصبح بطلا فتقوم رغباته تركز مهامها على البطولة وأفعالها التي تصب في نهر كبير وهو البطولة أو تظهر كأنما تستمد من الينبوع الكبير وهو البطولة، ولهذا يقال أن البطولة قبل كل شيء لأنها هي الأخلاق الكريمة.
كلمة وما تنرد: «من تسبب في سعادة إنسان تحققت سعادته. ـ فولتير»
atach_hoty@hotmail.com