(يأيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير) المجادلة: 11.
بين الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم الأحكام العامة في المعاملات والعلاقات الاجتماعية والمواثيق والتجارة وغيرها، وترك سبحانه لنا نحن البشر الاجتهاد فيما يستجد من أمور تستوجبها ظروف الحياة من تطور وتغير في الأشكال الاجتماعية، ولكن الأساس موجود وما على الإنسان إلا أن يهتدي به ويعمل العقل لكي يصل إلى قياس عادل، والبشرية على هذا الأساس تقوم من حين لآخر باستنباط الأحكام التي تتماشى مع حاضرها ومستقبلها بشرط أن تكون الأحكام الوضعية قابلة للتغير وفقا لمتغيرات الحياة، والمعروف بالقوانين الوضعية أي التي من وضع البشر، أما القوانين السماوية فثابتة لصلاحيتها مع طبيعة خلق الإنسان والكون معا.
قضيتنا اليوم ترتبط ارتباطا كليا بالقوانين الوضعية التي ذكر الله عز وجل أصحابها في كتابه العزيز واصطفاهم عن باقي البشر باعتبارهم أهل العلم والمعرفة، واليوم أصبح لقب أهل العلم والمعرفة يطلق في هذا الزمن على من يسبق اسمهم لقب الدكتور، وهذه هي مشكلتنا اليوم وقضيتنا «شهادات الدكتوراه».
كثير منا قرأ عن بعض ممن يحملون شهادات الدكتوراه المشكوك في أمرها، والبعض منا يعلم عن بعض الجامعات غير المعترف بها، والتي تخرج فيها بعض الأسماء اللامعة وأصبحوا أصحاب مراكز مرموقة، كما أننا نسمع أن هناك مسؤولين يغضون البصر عن بعض موظفيهم للدراسة دون إجازة دراسية من الدولة والأسباب لا يعلمها إلا الله عز وجل
أما النوع الآخر من مشكلاتنا والذي قد لا يكون الأخير، فهو ما نقرأه كل عام من خلال تقارير ديوان المحاسبة المنشورة في الجرائد لبعض الأسماء الذين لا يحملون شهادات الدكتوراه، ورغم هذا تتعامل معهم بعض الجهات الحكومية وكأنهم بدرجة الدكتوراه.
إن كارثتنا فيمن قمنا بذكرهم وتسليط الضوء عليهم أنهم للأسف يتقاضون من الدولة أعلى الرواتب والمراتب العلمية دون وجه حق، نعم هذه حقيقة وليست أوهاما وذلك مثبت في جهاز حكومي نثق به وبمصداقية موظفيه وهو ديوان المحاسبة الذي كثيرا ما خاطب الجهات المعنية الخاصة لهؤلاء لتبلغهم بأنه يوجد موظفون يتمتعون بمكانة عملية ودرجة علمية لا يستحقونها ولابد عليهم التصحيح وإرجاع المبالغ التي صرفها هؤلاء دون وجه حق، ولكن كما قلنا كتب وخطابات وتقارير سنوية دون جدوى ولا تصحيح.
والسؤال هنا: كيف نساوي بين كل من ذكرناهم في السابق الذين يتمتعون بدرجة لا يستحقونها وإنسان قام بتحصيل علمه وثابر على دراسته وتفوق باسم الكويت ليصبح رمزا يشرف بلاده من خلال علمه؟ وهنا أعود لأستند في قضيتي للقوانين السماوية والتي لا يقدر أي منا التغيير فيها، ففي القرآن الكريم يقول العزيز جل وعلا (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)، فإذا كانت القوانين السماوية اصطفت أهل العلم عن غيرهم فأين القوانين الوضعية من هؤلاء الذين سلبوا الحق الأدبي والعلمي دون وجه حق؟
كلمة وما تنرد: أطالب جميع الجهات الحكومية بتنفيذ ما أتى في تقارير ديوان المحاسبة والخاصة بمن خالفوا القانون بشأن درجة الدكتوراه وتعديل أي أخطاء علمية وعملية في ذلك لكي يحصل كل ذي حق على حقه، وأناشد اللجنة العلمية في مجلس الأمة أن تطبق القوانين السماوية في ذلك الأمر، لأننا لا نعلم ماذا سيحدث في المستقبل من شهادات جديدة ومسميات أخرى.
atach_hoty@hotmail.com