هذه الكلمات ما هي إلا رثاء للمسرح الذي ظهر منذ 2500 عام قبل الميلاد وكان على يد (ثسبس)، فهو من قام بتغيير شكل ونوعية المسرح، حيث كان المسرح قبل ثسبس يحاكي الدين ولكن على يديه أصبح يحاكي الدنيا، وكان المسرح قبله يقتصر فقط على إلقاء الشعر والاحتفالات الدينية، ولكن بقدومه وتواجده وإدخاله للممثل الأول مع وجود الجوقة نشأت لغة الحوار كما أنه غير من نمط المواد المسرحية التي أثرت المسرح وأعطت له الطابع الدنيوي الذي أدى إلى تواجد الصراع الدرامي وحتمية تواجد الحبكة الدرامية في النص المسرحي، تلك كانت البداية من ثسبس، وأتى من بعده ليكملوا مسيرته المسرحية والثقافية ليطوروا المسرح ومنهم اسخيلوس وسوفوكليس ويوربيديس وغيرهم الكثير الذين أخذوا على عاتقهم النهضة بالحركة المسرحية، بل نجد أن المسرحيين لم يقتصروا على ما أتى من نمط ثسبس، بل نجد بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية أن المسرحيين أخذوا في تغيير المدارس المسرحية ومذاهبها ورغم هذا التغيير الذي طرأ على الحركة المسرحية إلا أن نقطة بداية المسرحيين ومرجعيتهم كانت تنطلق من ثسبس وأرسطو لأنهما يعدان مهد الفكر المسرحي.
واليوم وبعد ما نشاهده ونسمعه عن الحركة المسرحية في الوطن العربي لا نستطيع أن نقول الا البقاء لله يا ثسبس، نعم أصبحنا نعزي أنفسنا من خلال قراءات ما كتب من الماضي وما نقرأه ونشاهده اليوم، من الممكن أن نجد بعض التجارب المسرحية التي نقدر أن نعدها بؤرة أمل للمسرحيين والمثقفين ولكن الصور العامة والمعممة على الجو المسرحي العام ما هي إلا صورة محزنة لما تركه لنا أجدادنا المسرحيون وعلى رأسهم ثسبس، فعندما نجد مسرحا بلا ممثلين متدربين على مخارج الألفاظ الصحيحة بل نجد أن بعض الممثلين لا يعرفون ماذا يعني فن الإلقاء المسرحي هذه تعد كارثة للمسرح، فالممثل يعد مع النص المسرحي هما العمود الفقري لأي مسرح متميز، وإذا تطرقنا للنص المسرحي الذي يناصف الممثل في بناء المسرح نجد أن بعض الكتاب يكتبون للمسرح الموسمي من أجل لقمة العيش والرزق وللأسف هذا لا يعطي مسرحا، فالمسرح عندما يكتب لأجل المال لا ينتج شيئا ولكن عندما يكتب من خلال فكرة ومبدأ يعطي لنا قضية مسرحية من أجل المناقشة ذلك هو النص المسرحي وإذا لم يكن هكذا لما قرأنا لكل من أرستوفانيس وبومارشيه وشكسبير وكريستوفر مارلو وصلاح عبد الصبور.. وغيرهم من رواد المسرح العالمي، ان هؤلاء عاشوا فقراء وماتوا أغنياء مما تركوه من ارث مسرحي لنا، ذلك هو المسرح فكرة تتولد من كلمات لتناقش قضية إلى أن نجد لها الحل، واليوم أصبح المسرح كلمات تباع لمن يدفع أكثر وتعرض علينا للكسب المادي فقط، هذا هو الحال وإذا سألت بعض المسرحيين عن حالة التدهور المسرحي تجد أولى كلماتهم للإجابة هي: الدولة لم تفعل، الدولة لم تقم، المسؤولون لم يعطونا.
إن رواد الحركة المسرحية ممن ذكرناهم وممن لم نذكرهم لم ينتظروا الدولة لكي يفعلوا بل عانوا الكثير لتصل رسالتهم برغم كل الصعاب التي واجهوها، واليوم كل شيء متوافر ولكن فقط نفتقد القضية والفكرة والايمان للنهوض بالحركة المسرحية لنعيد أمجاد ثسبس ومن تبعوه، ولكن لا نقدر أن نقول إلا البقاء لله يا ثسبس، لأننا أصبحنا لا نملك قضية ولا فكرا ولا مبدأ.
كلمة وما ترد:
الى من لا أعلم؟ بل هي رسالة ومن يقدر على مساعدتنا فله كل الشكر، أصبح وقتنا يحتم وجود وزارة للثقافة وتجميع كل الاجهزة الثقافية في الدولة تحت مظلتها، أصبح المثقفون يكرهون الشكل العقيم للثقافة، فكل جزأ من الثقافة في دولتنا ينتمي إلى هيئة أو وزارة ليست لها علاقة بالأخرى وهنا نجد أن أجزاء الثقافة لا تعمل لعدم انتمائها لجسد واحد وهو وزارة الثقافة.
atach_hoty@hotmail.com