د.نرمين يوسف الحوطي
اليوم موضوعنا ليس مقالة نقدية عن فيلم «عسكر في المعسكر» للمثل محمد هنيدي، والذي هو إسقاط على ما أصبحنا نعيشه في هذه الأيام، فقد أصبحنا كالعساكر الذين يعيشون في معسكر يقومون صباح كل يوم لأداء تمارينهم الرياضية والعسكرية، ويستمرون على ذلك حتى ينهوا خدمتهم ومن ثم يتخرجون من المعسكر دون أن يستفيدوا او يفيدوا بشيء، هذا هو حالنا نذهب كل صباح إلى أشغالنا ونعود عند انتهائها، لا ننجز شيئا ولا نفهم شيئا مجرد لعب في الوقت، والسبب لماذا؟
من الممكن الافتراض أن السبب يرجع للقوانين والقرارات واللوائح التي في كل يوم تتغير في إطار الوزارات كما لو أننا في ساحة البورصة «مرة صاعدة ومرة نازلة»، هذا يؤدي إلى حدوث اضطراب وخلل لدى الموظفين، بل يجعلهم ينسون ولا يتذكرون من كثرة التغيير والإلغاء في تلك القرارات واللوائح والقوانين. وقبل أن أنطلق إلى الافتراض الآخر، سأذكر لكم موقفا مختصرا حدث لإحدى صديقاتي في الدوام، ذهبت صديقتي إلى مديرها لتوقيع كتاب لها، وإذ بمديرها يقول لها من بعد إذنك أمديني بالقوانين التي تخص هذا الموضوع، فقامت صديقتي بجلب الملف لمديرها لتظهر له أن هناك أكثر من قرار بهذا الشأن، وعليه طلب المدير من صديقتي الانتظار ليكون لجنة تنظر في كتابها، يا لسخرية الأقدار!
ولنأخذ الافتراض الآخر وهو لغة الحديث بين الموظفين والمراجعين، نجد أنها أصبحت غير مفهومة، فالكل يصرخ ويظن أنه يغرد والعكس هو الصحيح، إلى أن أصبحت لغتنا هي الردح الذي يؤدي إلى الضرب، عفوا، لكن هذا هو الحال في ميادين الحكومة، بل الأجمل من هذا كما قلنا من قبل أن الردح تحول إلى الضرب الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى أقسام الشرطة ومن بعدها المحاكم كما لو أننا نعيش في حلبة صراع يومي، أصبحنا ولله الحمد نتفنن في فنون الشغب والضرب حتى أصبحنا نشكل إرهابا على أنفسنا وعلى أسرنا ومجتمعنا، أصبحت أيادينا هي التي تؤذينا وتؤذي من يعز علينا، والغريب أننا نؤمن بدستورنا وننادي به في كل لحظة، عجبا علينا نقول ولا نفعل ما نقوله، لأن دستورنا يحثنا على الرحمة والمحبة فمادة 7 من الدستور تقول: العدل والحرية والمساواة ودعامات المجتمع، والتعاون والتراحم صلة وثقي بين المواطنين، وهذا بالفعل ما نفعله في معسكرنا كل يوم.
شر البلية ما يضحك، هذه بعض الافتراضات التي أعتقد أنها تجعلنا نشعر بأننا عساكر في معسكر نخدم ونحن نهدم.
كلمة وما تنرد: إلى بعض النواب الذين يلوّحون بفضح بعض الشخصيات بالصور لحفلاتهم، أقول لهم «بعض ربعكم ليهم صور وحفلات وسلامتكم».
atach_hoty@hotmail.com