د. نرمين الحوطي

profile picture

Nermin-alhoti@hotmail.com

الصحافة.. ولكن!

 نرمين الحوطي

عجبا لما أقرأه لبعض الصحافيين في الآونة الأخيرة، البعض أصبح يستخدم قلمه لا للدفاع بل للنفاق وتحقيق المصالح الشخصية باسم الصحافة، فأخذ البعض يطبل ليرفع من يريد، والبعض الآخر يهدم من يريد هدمه، والاثنان، آسفة للتعبير، لا أعتبرهما يعرفان المعنى الحقيقي للصحافة أو ما معنى القلم.

إن الصحافة تعد أكثر المهن التصاقا بالنفس البشرية، بل هي الكلمة المقروءة التي تخشاها السلطة ومنها أطلق عليها السلطة الرابعة، أما ما نقرأه هذه الأيام فليس بصحافة وهنا لا أقول الكل بل أقول البعض، حيث إن خليت خربت، وهذا ما يؤكده المثل الصيني الذي يقول:

«ليست هناك مهنة حقيرة بل هناك أناس حقيرون»

إن الصحافة لها طعم ونكهة ذات خاصية منفردة ليست كمثلها من المهن، ولكن ما نقرأه هذه الأيام ليس له طعم ولا ذوق، إن الصحافة المحترمة تحترم الحرف وتنتقي الكلمات، واليوم نجد بعض من ينتمون لهذه المهنة وبكل أسف ينقلبون على من كانوا معهم بالأمس فيمزقونهم اليوم بقلمهم لا دافع لهم في ذلك إلا المصالح الشخصية، وبأسلوب لا يمت للصحافة بصلة، أصبحت الصحافة في هذه الأيام كما لو أننا نشاهد مسرحية تندرج تحت مسمى الكوميديا السوداء، لا أحد يعلم ماذا يحدث اليوم؟ وماذا سيحدث غدا؟ أصبحت بعض الأقلام تفقد مصداقيتها مع قرائها، بالأمس كانت معهم هذه الأقلام واليوم أصبحت أقلامهم ضدهم بالمستندات والأدلة، وغدا لا نعلم هذه الأقلام ستكون ضد من أو مع من، وسبحانه يغير من حال الى حال، واللهم لا اعتراض.

إن الصحافة أساسها مصداقية الكلمة، فعندما يكتب القلم الكلمة تكون هذه الكلمات كالسيف حد فاصلا بين البداية والنهاية، ولكن اليوم الكلمات أصبحت مرتجلة مما أدى لضياع هيبة الحروف ومعانيها، بل أصبحت الكلمات تكتب لعرقلة المسيرة لا لبنائها، ورغم أن الصحافة أتت من الحب لا للانتقام، واليوم للأسف أصبحت الأقلام هي سيوف على رقاب البعض إذا لم يخضعوا ويقولوا آمين، هل هذه هي الصحافة؟

الحمد الله أنه مازالت هناك أقلام تتلألأ في سماء صحافة الكويت بمصداقيتها، بل نجد مقالاتهم تمتاز برقي اللغة وانتقاء مفرداتها، وأنهم يقومون بالبحث والتجديد في موضوعاتهم واختيار فحواها، جميل أن توجد في صحافتنا إلى الآن هذه الأقلام لكي نتعلم منها، ولتغطي على الأقلام الأخرى التي فقط تبحث عن عقاب فلان ومحاربة فلان، بل نجد أن هذه الأقلام المتلألئة تقف أمامهم وتقوم بردعهم.

إن الصحافة تعرض الحقائق وتترك للقارئ الحكم، وهي تحاول كشف الفساد ولكنها لا تحاكم الفاسدين، فهناك سلطة هي التي تقر وتحكم على هذا الفساد، جميل جدا أن تنتقد بشدة وبغضب ولكن لا تفقد الحب عندما تكتب، لأن الصحافة لم تكن في يوم ما دارا للقضاء.

التعليق

x

إقرأ أيضا